
لطالما كان الاعتقاد بقيامة الأموات أحد عناصر الإيمان المسيحيّ الأساسيّة، إذ كان المسيحيّون الأوائل متيقّنين من أنّ ثمّة قيامةً للأموات وأنّ «هذا الاعتقاد يُحيينا»، كما أورد التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة.
أحالنا الأب ميلان ككّوني، وهو كاهن في إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة يتابع دراسته العليا في الجامعة الكاثوليكيّة الأميركيّة في واشنطن إلى رسالة القدّيس بولس الأولى إلى الكورنثيّين التي يؤكّد فيها قيامة الأموات، مستنكرًا أن يكون ثمّة مَن لا يؤمِن، فـ«الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ».
وأردف: «القيامة محور إيماننا المسيحيّ ورجاؤنا وركيزة البشارة، ولهذا شدّد بولس الرسول على أنّه "إِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ"».
وقال إنّ معجزة قيامة المسيح كفيلةٌ بأن تنزع خوفنا من الموت والقبر، فتأمُّلنا في تفاصيلها يذكّرنا بأنَّ جسمنا الميت سيقوم، على مثال قيامة ربّنا، لِيَلبَس عدم فساد ومجدًا وبهاء، لأنّ «هذَا الْفَاسِدَ لاَ بُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ».
كشَفَ الله لشعبه قيامة الأموات بالتدريج، فجاء الرجاء بقيامة الأموات في الجسد كنتيجةٍ ضمنيّةٍ للإيمان بإلهٍ خلق الإنسان بكامله جسدًا ونفسًا. «فالكنيسة تعلّمنا أنّ خالق السماء والأرض هو حافظ العهد مع إبراهيم ونسله. فهو إذن "مَلِكَ الْعَالَمِينَ إِذَا مُتْنَا فِي سَبِيلِ شَرِيعَتِهِ، فَسَيُقِيمُنَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ"» بحسب ككّوني.
وتابع: «هناك نظرة خاطئة إلى الموت، لا سيّما حين يطال بألمه الأطفال والصالحين والضعفاء. والصحيح ألّا ننظر إلى الموت كنهايةٍ لكلّ شيء، فالشخص الذي يظنّ حياته مقتصرةً على الزمن الواقع بين الولادة والموت، ولا يمكنه التطلّع صوب أفقٍ رَحْبٍ أبعد من الحياة الحاضرة، فهذا يعيش حياته كما لو أنّ الله غير موجود».
ولفت إلى تعليم البابا الراحل فرنسيس عن «الموت في المسيح» وإشارته إلى وجود حَدسٍ في داخلنا يُنبِئنا بأنّ حياتنا لا تنتهي بالموت. وإذا تأمّلنا في معنى الموت المسيحيّ نجد قناعةً ترتفع من قلوبنا، في أكثر اللحظات المؤلمة في حياتنا، معلنةً أنّ هذه ليست النهاية، وأنّ الخير الذي منحناه ونِلناه لم يكُن هباءً.
وختم ككّوني حديثه مؤكّدًا أنّ قيامة المسيح تقدّم لنا الجواب الشافي عن عطش الحياة الذي فينا، فيقيننا بها لا يمنحنا اليقين بحياةٍ بعد الموت وحسب، بل هي تلقي أيضًا أنوارها على كلّ ظلمةٍ وتنير سرّ موت كلّ إنسان. وجميعنا مدعوّون إلى العيش متّحدين بيسوع وأمناء له، وحينئذٍ سنغدو قادرين على مواجهة انتقالنا من هذه الحياة برجاءٍ وسكينة.
المصدر: جورجينا حبابه / آسي مينا