تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كيف يمكن للذكاء الاصطناعيّ أن يُسهِم في إعلان البشرى؟

الذكاء

أربيل ربّما أصبح نادرًا ألّا يلجأ الباحث عن معلومةٍ اليوم إلى الذكاء الاصطناعيّ كوسيلة مساعدة. فالتقنيّات الحديثة غدت اليوم متغلغلة في شرايين حياتنا اليوميّة وملاذًا للمتعاجزين عن الغوص والبحث المعمَّق لاقتناص معلومة موثوقة. 

اعتادت الكنيسة الكاثوليكيّة مواكبة التطوّرات التقنيّة الحديثة، دون المساس بقيَمها الأخلاقيّة والإنسانيّة، فهل تبقى اليوم بعيدةً عن استثمار هذا المضمار في خدمة رسالتها التبشيريّة؟ الإجابة لدى الأب ميلان ككّوني، وهو كاهن في إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة يتابع دراسته العليا في الجامعة الكاثوليكيّة الأميركيّة في واشنطن.

شدّد ككّوني على أنّ أيّ ذكاء اصطناعيّ، مهما بلغ مداه، لا يمكن أن يكون بديلًا من العقل البشريّ الذي وهبه الله للإنسان المخلوق على صورته ومثاله (تك 1:27)، «بل إنّ هذه التقنيّة تسعى في أساسها إلى محاكاة الذكاء البشريّ الذي أبدعها»، مذكِّرًا بتأكيد البابا لاون الرابع عشر أن يضمَن استخدامها خير الإنسان وصون كرامته. 

هل نحتاج نسخة كاثوليكيّة من ChatGPT؟

رغم تحذير الكنيسة الكاثوليكيّة من التداعيات الأخلاقيّة المترتّبة على الاستخدام غير المسؤول للذكاء الاصطناعيّ، لكنّها تشجّع في الوقت نفسه على الاستعانة به في التبشير. 

في هذا الصدد، وجّه ككّوني الأنظار إلى نجاح مساعي عددٍ من مطوّري الذكاء الاصطناعيّ الكاثوليك في إنتاج نسخٍ كاثوليكية من ChatGPT على سبيل المثال، وسواه من التطبيقات. وأشار إلى أنّ أيّ باحثٍ يستطيع استقاء معلوماتٍ جيّدة من تطبيقاتٍ معتادة، لكنّ الاستعانة بتطبيقات كاثوليكيّة متخصّصة تكون على معرفة أوثق بنصوص الكتاب المقدّس والوثائق الفاتيكانيّة وسائر المراجع اللاهوتية، تسهّل على الباحثين معرفة تعليم الكنيسة بشأنها.

البشرى السارّة

«تتوفّر اليوم تطبيقات كاثوليكيّة عدّة، تقدّم بواسطة الذكاء الاصطناعيّ إجابات معمّقة عن أسئلة تخصّ الإيمان، متضمّنةً شواهد من مصادر موثوقة، قراءات كتابيّة يوميّة وتعليمًا يستند إلى الكتاب المقدّس وتعاليم الكنيسة، فضلًا عن تطبيقاتٍ تذهب أبعد من ذلك، إذ يمكن لتطبيق مواعدة كاثوليكيّ مساعدة من يرغب في إيجاد شريك حياته وفق القيم الإيمانيّة»، بحسب ككّوني.

يبقى السؤال المطروح: هل يمكن لتطبيقٍ ذكيّ، أيًّا يكُن عمق ما يُقدّمه من إجاباتٍ إيمانيّة ولاهوتيّة وما يقترحه من صلواتٍ يوميّة وقراءات كتابيّة، أن يكون بديلًا حقيقيًّا مِن مُرشدٍ ومرافقٍ روحيّ ومعلّمٍ من لحمٍ ودم ومشاعر؟  

ختم ككّوني مؤكّدًا أنّ الكنيسة لا تُمانع الاستعانة بأيّ تقنيّة أو أدوات في خدمة مهمّتها الأساسيّة «نقل البشرى السارّة»، لكن دون التخلّي عن التزامها الأخلاقيّ إزاء كرامة الإنسان في إطار سعيها إلى مواكبة التقدّم التقنيّ المطّرد واجتهادها لتسخيره في خدمة البشارة، متذكِّرةً كلمات الرسول بولس: «فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ».

المصدر: جورجينا حبابة، آسي مينا.