تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الطوباويّ إسطفان الدويهي… رجل المواقف الثابتة والإيمان الصلب

الطوباوي

إهدن - تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة في 2 أغسطس/آب من كلّ عام بتذكار الطوباويّ اللبنانيّ البطريرك إسطفان الدويهي؛ هو من عاش الإيمان الحقّ، وجاهد في سبيل رفع مستوى التعليم، وكان صرخة الفلّاحين الفقراء في وجه الظلم.

ولِدَ إسطفان في منطقة إهدن اللبنانيّة في 2 أغسطس/آب 1630. ولمّا بلغ الحادية عشرة، أُرسِل إلى مدينة روما للالتحاق بالكلّية المارونيّة حيث درس طيلة 14 سنة. ويوم كان طالبًا إكليريكيًّا، أُصيبَ بمرضٍ أدّى إلى فقدانه بصره، لكنّ إيمانه كان أقوى من صليبه، فصلّى بخشوع ونذر حياته للعذراء مريم التي أعادت له بصره، وهكذا تابع مشوار الكهنوت، ورُسِمَ كاهنًا عام 1656.

وعيِّن في العام 1668 أسقفًا في قبرص، فعمِلَ على تنظيم الأبرشيّة، وزار العائلات المارونيّة في هذه الجزيرة. ومن ثمّ انتُخب سنة 1670 بطريركًا للكنيسة المارونيّة في قنّوبين. وهو يُعدّ ثالث أبرز شخصيّة في تاريخ الكنيسة المارونيّة، بعد مؤسّسها القدّيس مارون والبطريرك الأوّل القدّيس يوحنّا مارون. يُعرَف الدويهي بلقب «أبي التاريخ المارونيّ» لأنّه لم يكن قائدًا دينيًّا وحسب، بل يُعتبر من أبرز علماء عصره ومؤرّخيه، واشتهر بخدمته الكنيسة والمجتمع.

ألّفَ الدويهي كتبًا محوريّة عن الكنيسة المارونيّة تُعَدّ اليوم من أهمّ المراجع التاريخيّة، إلى جانب كتابته جزءًا كبيرًا من الصلوات والقداديس، وتأسيسه الكنائس والمدارس. وفي خلال حياته، اهتمّ بزيارة مدن عدّة بهدف تعزيز مكانة التعليم فيها، إلى جانب حفظ التقاليد المارونيّة، فكان يتجوّل بين قبرص، وحلب، ومناطق كسروان والشوف في لبنان.

وفي تلك الحقبة، كان لبنان خاضعًا للحكم العثماني، فشهدت العلاقة بين البطريرك الدويهي والعثمانيين اضطرابات نتيجة رفضه سياسة الضرائب التي كانت غير عادلة بحقّ الفلاحين الفقراء. أقام البطريرك في قنّوبين في شمال لبنان، مقرّ أسلافه. واحتمى في الكهوف المجاورة لقنّوبين، حين سادت النزاعات والاضطرابات السياسيّة. وأخيرًا، رقد هذا البطريرك العظيم بسلام عام 1704، وأعلنه البابا فرنسيس طوباويًّا على مذابح الربّ في 2 أغسطس/آب 2024.

يا ربّ، علِّمنا على مثال هذا الطوباويّ كيف نتحصّن بنعمة الإيمان ونور العلم والمعرفة والدفاع عن الحقّ في وجه الظلم.

المصدر: د. آمال شعيا / آسي مينا