
الطيبة – خاص لـ "نبض الحياة" زار القنصل اليوناني في القدس، السيد بيتروس أناجنوستاراس، صباح اليوم الثلاثاء، بلدة الطيبة شرق رام الله، في زيارة تضامنية جاءت في سياق تصاعد الاعتداءات التي تشهدها البلدة من قِبل مستوطنين إسرائيليين. وحملت الزيارة أبعادًا إنسانية ورسالة سياسية واضحة، تعكس القلق الدولي المتزايد إزاء الانتهاكات التي تطال الأرض والمقدسات والممتلكات في بلدة الطيبة وسط الضفة الغربية.
وكان في استقبال القنصل في مقر البلدية كلّ من كهنة كنائس الطيبة الثلاث: الأب داوود خوري راعي كنيسة الروم الأرثوذكس، الأب جاك-نوبل عابد راعي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، والأب بشار فواضله راعي كنيسة المسيح الفادي للاتين، إلى جانب رئيس بلدية الطيبة السيد سليمان خورية. وقد أطلعوه خلال اللقاء على سلسلة الاعتداءات المتصاعدة التي طالت أراضي البلدة وممتلكاتها ومقدساتها في الأسابيع الأخيرة.

وشملت الزيارة جولة ميدانية إلى محيط مقبرة البلدة وكنيسة الخضر الأثرية، حيث لا تزال آثار الحريق المتعمد الذي أشعله مستوطنون مساء الاثنين الماضي ماثلة في المكان. الحريق الذي اندلع على مقربة من الكنيسة والمقبرة كاد أن يتسبب بكارثة، لولا تدخّل الأهالي السريع وطواقم الإطفاء التي حالت دون امتداد النيران إلى داخل الكنيسة.
وفي حديث مع الكهنة خلال الجولة، أكدوا أن الحادثة لم تكن معزولة، بل تأتي ضمن نمط يومي من الانتهاكات. المستوطنون، كما أشاروا، يواصلون رعي ماشيتهم في أراضي البلدة الزراعية، بما فيها الحقول الخاصة المملوكة للعائلات، والتي تقع أحيانًا على مرمى حجر من منازل المواطنين، دون أي تدخل من الجهات الرسمية أو الأمنية. وتسببت هذه الممارسات في أضرار مباشرة لأشجار الزيتون، التي تُعد مصدر الرزق الأساسي لأغلب العائلات، فضلًا عن منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم والعمل فيها ورعايتها بحرية.
وأوضح رئيس البلدية خورية أن الجهة الشرقية من الطيبة، التي تشكّل أكثر من نصف مساحة البلدة وتضم أغلب نشاطها الزراعي، باتت هدفًا مفتوحًا لبؤر استيطانية غير شرعية، تتمدّد بصمت تحت حماية الجيش، وتشكل قاعدة لانطلاق اعتداءات جديدة على الأرض والناس.
من جانبه قال الأب فواضله لـ "نبض الحياة" في تعليق على هذه الاعتداءات المتصاعدة: "وإذ نتمسّك بإيماننا بأن هذه الأرض لم تُمنح لغير أهلها، نؤمن أيضًا أن كرامة الإنسان، وحرمة أماكن العبادة، وحق الشعوب في العيش على أرضها بسلام، هي قيم إلهية وإنسانية وأسس راسخة في القانون الدولي. لذلك، نرفع صوتنا ليس فقط دفاعًا عن بلدتنا، بل عن الحق الذي لا يسقط بالتقادم، وعن عدالة ستشرق مهما طال الظلم".

الرسالة التي حرص الجميع على إيصالها للقنصل كانت واضحة: "نحن لا نطلق هذه الصرخة فقط ككهنة ومؤسسات رسمية واجتماعية نحمل مسؤولية رعوية واجتماعية، بل كأبناء هذه الأرض التي نعيش عليها ونرعاها. الطيبة، المعروفة في الإنجيل باسم "أفرام"، حيث لجأ السيد المسيح قبل آلامه، هي اليوم البلدة المسيحية الوحيدة في الضفة الغربية ذات الأغلبية المطلقة، وحضورها المسيحي المتواصل منذ ألفي عام مهدد بالتآكل".
في ختام اللقاء، طالب كهنة البلدة ورئيس البلدية القنصل اليوناني ومن خلاله المجتمع الدولي والكنائس العالمية، بالتدخل الفعّال، من خلال: فتح تحقيق شفاف في حوادث الحرق والاعتداءات، وممارسة ضغوط سياسية ودبلوماسية لوقف انتهاكات المستوطنين.