تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

من مرسيليا إلى فلسطين: زيارة لافتة لرئيس اساقفة فرنسا الكاردينال أفلين إلى الطيبة

الكاردينال جان-مارك أفلين رئيس أساقفة مرسيليا ورئيس مؤتمر أساقفة فرنسا

من مرسيليا إلى فلسطين: زيارة لافتة لرئيس اساقفة فرنسا الكاردينال أفلين إلى الطيبة

الطيبة – نبض الحياة - يحلّ غدًا الأحد الكاردينال جان-مارك أفلين، رئيس أساقفة مرسيليا ورئيس مؤتمر أساقفة فرنسا، ضيفًا على بلدة الطيبة ورعية كنيسة المسيح الفادي للاتين، في زيارة تحمل أبعادًا روحية وتضامنية ورعوية.

وسيترأس الكاردينال القداس الإلهي في الكنيسة عند الساعة التاسعة والنصف صباحًا، يعقبه لقاء مع أبناء الرعية والمؤمنين.

يبلغ الكاردينال أفلين من العمر 66 عامًا. وُلد في 26 كانون الأول/ديسمبر 1958 في مدينة سيدي بلعباس بالجزائر، وانتقلت عائلته إلى فرنسا بعد الاستقلال ليستقر في مرسيليا، حيث نشأ في بيئة متواضعة تركت أثرًا عميقًا في اهتمامه بالمهاجرين وبقضايا الاندماج.

سيم كاهنًا في مرسيليا عام 1984، قبل أن يُعيَّن أسقفًا مساعدًا في 2013، ثم رئيسًا لأساقفة المدينة عام 2019. في آب/أغسطس 2022 رفعه البابا فرنسيس إلى رتبة الكاردينالية، وفي نيسان/أبريل الماضي انتُخب رئيسًا لمؤتمر الأساقفة الفرنسيين بنسبة أصوات ساحقة، ما يعكس مكانته الوازنة داخل الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا.

يحمل أفلين شهادة الدكتوراه في اللاهوت من المعهد الكاثوليكي في باريس، وهو متخصص في قضايا التعددية الدينية والحوار بين الأديان. وقد أسّس في مرسيليا "معهد العلوم ولاهوت الأديان" الذي يُعنى بالتفاعل بين المسيحية والأديان الأخرى، خصوصًا الإسلام.

قرب من البابا فرنسيس

كان يحظى الكاردينال بعلاقة وثيقة مع الراحل البابا فرنسيس، الذي يشاركه الاهتمام بالمهاجرين والفقراء وبالكنيسة المنفتحة على الهامشيين. في عام 2023 استقبل أفلين الحبر الأعظم في مرسيليا خلال زيارته للمدينة، وأكد في تلك المناسبة أن البحر المتوسط "مقبرة مفتوحة" وأن منع إنقاذ المهاجرين الغرقى جريمة لا تقل خطورة عن التهريب نفسه.

مواقف وحوار

عرف أفلين بمواقفه الداعية إلى إيجاد توازن في مقاربة ملف الهجرة، محذرًا من الخطابات المتطرفة سواء تلك التي تفتح الأبواب دون ضوابط أو التي تحمل المهاجرين مسؤولية كل المشكلات. كما عمل لعقود على تعزيز الحوار الإسلامي-المسيحي في مرسيليا، حيث يشكل المسلمون نسبة كبيرة من السكان. دعا مرارًا إلى تجاوز الصور النمطية وبناء علاقات صداقة يومية بين العائلات، معتبرًا أن الحوار الحقيقي يبدأ من الأسئلة الإنسانية المشتركة لا من المنافسة العقائدية.

شخصية توافقية

يوصف الكاردينال أفلين بشخصيته الحوارية وبقدرته على بناء جسور بين تيارات مختلفة داخل الكنيسة. فهو يحظى بتقدير من الكاثوليك المحافظين والتقدميين على حدّ سواء، وقد جمع بين الاحتفال بالطقس التقليدي الكاثوليكي من جهة والدفاع عن رؤية منفتحة من جهة أخرى. يشدد في عظاته على أن الكنيسة مدعوة لأن تكون في خدمة العالم، لا أن تنغلق على ذاتها، وأن الوحدة الحقيقية تتحقق حول الإفخارستيا.

رؤيته الكنسية

ويختصر أفلين توجهه في جملة من المواقف اللافتة؛ فهو يشدّد على كنيسة «في خدمة العالم والفقراء»، محذّراً من الانغلاق على الذات. كما يدعو إلى الوحدة من خلال الإفخارستيا، وينبّه من «التصرّف بدلًا من الروح القدس»، في إشارة إلى أهمية ترك المجال لعمل الروح في حياة الكنيسة ورسالتها.

زيارة الكاردينال أفلين إلى الطيبة تأتي في لحظة حساسة تعيشها الكنيسة في فلسطين، ومن المتوقع أن تحمل رسائل دعم وتشجيع للمجتمع المسيحي المحلي، وتجديدًا لالتزام الكنيسة العالمية بالتضامن معه.