
أسيزي - عام 1225، كتب القديس فرنسيس الأسيزي نشيدًا صار أول نص شعري مهمّ باللغة الإيطالية العامّية، ونقطة انطلاق للتأمل في علاقة الإنسان بالخليقة، حمل عنوان «نشيد المخلوقات».
وفي ذكرى مرور 800 سنة على صياغة هذه التسبحة، يُقام في متحف الكنز بالدير المقدّس-أسّيزي معرض بعنوان: «كُنْ مسبّحًا: الطبيعة والعِلم؛ الإرث الثقافي للأخ فرنسيس». وُضِعَ 93 مخطوطًا وكتابًا نادرًا من مكتبة بلدية المدينة، عبارة عن كنوز تكشف العمق الفكري والروحي للتراث الفرنسيسي.
قاعات تستحضر الصلاة والعِلم
يبدأ المعرض في قاعة تستحضر أجواء «نشيد أختنا الشمس»؛ ففي صلاته، دعا فرنسيس إلى تمجيد الخالق عبر الشمس والنجوم والماء والريح. ويُختتم في قاعة «مع جميع مخلوقاتِك»، تجمع الإنسان والحيوان والنبات في رؤية شاملة للطبيعة.
وتنقسم بقية القاعات إلى محاور علمية وفكرية. ففيها قسم لـ«الكتاب المقدس واللاهوت والفلسفة»، تبرز من خلاله مخطوطات تُظهر كيف جمع الفرنسيسكان بين النصوص المقدسة والفكر الفلسفي. ويمكن مشاهدة نسخة مزخرفة من الكتاب المقدس تكشف تصويرًا رمزيًّا للخلق كنورٍ إلهي.
وفي المعرض، قسم لـ«المعرفة الموسوعية» يتضمّن أعمالًا لكلٍّ من الدارس الفرنسيسيّ برتلماوس الأنغليكي ورايموندو لولّو اللذَين مثّلا نموذجًا مبكرًا للربط بين العلوم. ويمكن مشاهدة مشروع مخطوط «المكتبة الكونية المقدسة والدنيوية» للأخ فينتشنزو كورونيللي، أول محاولة موسوعية شاملة بالإيطالية.
وعن الفلك، وُضِعَ كتاب «بحث في الكُرة» لجوفانّي دي ساكرو بوسكو الذي يفسّر أبعاد الكون الكروي الأربعة. وإلى جانبه، كتب لغاليليو غاليلي، توضح كيفيّة انتقال الفلك من تصور كوني قديم إلى علم حديث.
كذلك، يُلقى الضوء على أعمال روجر باكون ولوكا باتشولي في قسم «الرياضيات والبصريات» لعكس اهتمام الفرنسيسكان بعلم الأعداد والهندسة. وربطًا بـ«الفيزياء»، فُتِحَت مخطوطات من عصور مختلفة تعكس تطور مفاهيم الحركة والهواء والماء، وصولًا إلى رسوم تعليمية لجهاز هوائي تجريبي.
وفي قسم «الطب والتشريح والجراحة» يجد الزائر كتاب «الأنتيدوتاريوم نيكولاي» الذي ينطوي على لائحة من الأدوية المستخدمة في العصور الوسطى. وإلى جانبه، عُرِضَ مخطوط «من بنية جسم الإنسان» لأندرياس فان فيزيل الذي أحدث ثورة في عالم التشريح.
وعن «الكيمياء القديمة»، الخيمياء، ثمّة كتب نادرة مثل مجموعة للراهب جانو لاتشينيو. وخُصِّصَ قسم لـ«النباتات والحيوانات والإنسان»، فيه مخطوطات عن النبات وعلم الحيوان تُمثّل محاولة لقراءة الطبيعة كما لو أنّها «مكتبة مخلوقات».
ويقدّم المعرض بذلك رحلة فكرية وروحية تذكّرنا بمسؤوليتنا تجاه الأرض، البيت المشترك لجميع الكائنات.
المصدر: الياس الترك / آسي مينا