
أربيل - إذا كان انسحابُ المُطالبين برَجم المرأة الخاطئة حين قال لهم يسوع: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!» إقرارًا منهم بأنّ لا إنسان بلا خطيئة «إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ»، فمن هم القدّيسون إذًا؟
بحثت «آسي مينا» عن إجابةٍ في حوارها مع الأب منتصر حدّاد، راعي كنيسة مار توما للسريان الكاثوليك في ولاية مشيغان الأميركيّة، فأوضح أنّ القدّيس بولس يصِف المعمّدين في كلّ الكنائس التي وجَّه رسائله إليها، بالقدّيسين.
وشرح حدّاد أنّ مفهوم القداسة الديناميكيّ والحيويّ الذي يدعو الإنسان لكي يسير وفق مشيئة الله على الرغم من ضعفه وخطيئته، هو مفهوم أصيل، نجده واضحًا عند القدّيس بولس في رسائله.
واستشهد بنصوص من رسائله: «وأَنتُم أَيضًا مِنها، أَنتُمُ الَّذينَ دَعاهُم يسوعُ المسيح. إِلى جَميعِ أَحِبَّاءِ اللهِ الَّذينَ في رُومة، إِلى المَدعُوِّينَ لِيَكونوا قِدِّيسين. علَيكُمُ النِّعمَةُ والسَّلامُ مِن لَدُنِ اللهِ أَبِينا والرَّبِّ يسوعَ المسيح» (رو1 : 6-7).
ويُكرّر بولس التسمية حين يوجّه رسالته «إِلى كَنيسةِ اللهِ في قورِنتُس، إِلى الَّذينَ قُدِّسوا في المسيحِ يسوع بِدَعوَتهِم لِيَكونوا قِدِّيسين مع جَميعِ الَّذينَ يَدْعونَ في كُلِّ مَكانٍ بِاسمِ رَبِّنا يسوعَ المسيح».
«يُمكننا القول إذًا إنّ كلّ معمَّدٍ هو قدّيس، وإنّ المعمّدين هم القدّيسون المؤمنون الساعون، بنعمة الله، لعيش مشيئته»، بحسب حدّاد.
وقال: «الكنيسة إذًا مقدّسة بنعمة الله، هي في العالم لكنّها مختلفة عنه، وتسعى، بقوّة الروح القُدس، إلى عيش مشيئة الله في مسيرتها، وهكذا، يتقدّس أعضاؤها ويَصِلون إلى الكمال والاتّحاد النهائيّ بالله في الملكوت».
ويُحيلُنا حدّاد إلى التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة لنتعلّم أنّ «الكنيسة في نظر الإيمان، مقدّسةٌ على مرّ الزمن، ذلك أنّ المسيح ابن الله الذي هو مع الآب والرّوح، وحده القدّوس، وقد أحبَّ الكنيسة كعروسٍ له وأسلم نفسه لأجلها ليُقدّسها، واتّحد بها جسدًا له، وغمَرَها بموهبة الرّوح القُدس، لمجد الله. فالكنيسة إذًا هي شعب الله المقدَّس وأعضاؤها يُدعَون قدّيسين».
ليس الإيمان مبدأً نظريًّا بقدر ما هو حياة، تبدأ بنعمة الله، وتُعاش في العالم بقوّة الرّوح القُدس وتنتهي بالملكوت. وفي خلال مسيرتها في التاريخ، تفهم الكنيسة، عبر تأمّلها في مشيئة الله لها، قدرتها على أن تقود مؤمنيها في حياة القداسة من أجل الاتّحاد النهائيّ بالله.
وخلُص حدّاد إلى أنّ «القدّيس إنسانٌ أقرَّ في قرارة نفسه بأنّه خاطئ وضعيفٌ ومحدود وناقص إزاء كمال الله وقداسته، وأدرَكَ حاجته إلى التوبة عن ضعفه ومحدوديّته فاختار سلوك مسيرة القداسة التي يدعوه الله إلى عيشها».
المصدر: جورجينا حبابة، آسي مينا.