
الأردن- الأب رفعت بدر- للقاء رؤساء الكنائس وممثلي الفعاليات الأسلامية والمسيحية في الأردن وفلسطين هذا العام، على مرمى أيام من عيد الميلاد والعام الجديد، مع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، طعم خاص، إذ أنه يأتي في ظّل استمرار العدوان على غزة ومحاصرة الكنيسة فيها، وبعد كّل المآسي التي حصلت والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ، جماعة وعائلات وأفراد.
فمنذ عام 1999 أي منذ أن جاء جلالة الملك وجلس على عرشه السعيد، أصبحت ُسّنة حميدة في لقاء رؤساء الكنائس مع جلالة الملك في فترة العيد المجيد والعام الجديد. وفي كّل عام كان يغلب طابع المعايدات البهيجة بمناسبة الأعياد، وتطّور الأمر ليصبح لقاًء سنوًّيا إسلامياً مسيحًّيا في حضرة صاحب الجلالة. لكن في هذا العام، طغت أحداث غزة العّزة العزيزة على هذا اللقاء، وأصبح لقاًء إسلامياً مسيحًّيا في سبيل مزيد من التلاقي واللحمة الوطنّية للوقوف صًفا واحًدا خلف جلالة الملك، وتأييده بجهوده الدبلوماسية الخيّرة النبيلة والوطنّي عالية السمعة وغالية القيمة في كل أصقاع الأرض.
إّن مسيحيي الأردن ومسلميه قد أكدوا على المؤكد، أي التفافهم حول جلالة الملك الذي يديردفة الدبلوماسية الأردنية بهيبة وحكمة واقتدار. أما القادمون من القدس فأتوا ليبعثوا أولاً شكر أهل القدس وتقديرهم لرعاية جلالته ووصايته على المقّدسات والنهج الهاشمي الذي اعتبر فلسطين بوصلتنا وتاجها القدس. ويأتي أهل القدس ليبثوا أيًضا همومهم والمضايقات التي حصلت حتى قبل أحداث السابع من أكتوبر، وهي مضايقات عديدة بات أهل القدس وكنائسها ومساجدها، والحجاج إليها أيًضا، يتعّرضون فيها إلى أقسى عبارات الشتم والاستهزاء وبّث الكراهية من قبل قطعان المستوطنين. كما استمع جلالة الملك إلى عدد من الكلمات من بطاركة القدس، الذين يديرون روحًيا كنائس الأردن، واستمع إلى كلمات من قيادات اسلامية ومسيحّية في فلسطين والأردن.
لقاء هذا العام يطّل على خمسة وعشرين عاًما من جلوس جلالة الملك، وعلى ربع قرن على بداية هذا اللقاء السنوي الذي يعتبر من أهم اللقاءات التي تجري مع مشارف الأعوام الجديدة. إنها خمسة وعشرون عاًما، ويوبيل فضّي، من العطاء الموصول في مجال التلاقي والوئام، وفي مجال النظر إلى الدين كعالمة أمن واستقرار، وعالمة مودة ومحبة متبادلة بين الناس، وعالمة دفع لقيم السلام والعدالة في فلسطين والعالم.
إنها ربع قرن من المبادرات التي تّم تصديرها من الأردن المقّدس الخالد بقيادة جلالة الملك المعظم، بدءا من افتتاح موقع المعمودّية – المغطس كموقع رائد وفريد في العالم للحّج المسيحّي. وكذلك هي مبادرات وئامية راقية، حيث نحتفل العام المقبل بعشرين سنة على إصدار رسالة عّمان التي أصبحت مرجًعا حقيقًّيا لتوضيح ماهية الاسلام وانفتاحه وعلاقاته الطيبة مع المسيحيين عبر التاريخ، وكذلك مبادرة كلمة سواء في عام ،2007 والمبادرة الكبيرة التي تقّدم بها جلالته على منبر الأمم المتحدة عام 2010 لاعتبار الأسبوع الأول من شباط أسبوعا لوئام بين الأديان، وهذا ما حصل بإجماع أممّي قّل نظيره.
ولا ننَسيّن الجوائر القيمة التي نالها جلالة الملك، والتي يقّدرها المسيحيون والمسلمون، مثل جائزة يوحنا بولس الثاني عام 2005، وجائرة تمبلتون عام 2018، وجائزة مصباح أسيزي عام 2019، وجائرة زايد الأخوة الانسانية لعام 2022، مع جلالة الملكة رانيا العبدلله، فضلاً عن استقبال الأردن للمهّجرين المسيحيين القادمين من الموصل في العراق وسائر بلدات نينوى قبل عشرة أعوام.
إنني وقد تشّرفت أن أكون أحد الحاضرين في هذا اللقاء في قصر الحسينية العامر، في حضرة جلالة الملك عبدالله الثاني، وسمّو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، وسمو الأمير غازي بن محمد مستشار جلالته لشؤون الأديان، أقول بأّن لدينا رصيًدا حافلاً من المحّبة والألفة، ومن اللحمة الوطنّية، والتي يجسدها هذا اللقاء السنوي، والذي يأتي هذا العام بأوضاع مأساوّية، وقد كان الحضور داعمين لجهود جلالة الملك، كما هو النصير والداعم للشعب الفلسطيني لإنهاء، ليس فقط العدوان الحالي على غزة، لكن وبعد ذلك لاقتلاع الاحتلال كله من جذوره، إنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف.