أشخين ديمرجيان - يُشير الكتاب المُقدّس ضمنًا إلى معمودية الأطفال لدى ذكر عماد عائلات بأكملها، أو لدى ذكر شخص وجميع أهل بيته. وليس من المعقول أن كلّ هؤلاء الذين آمنوا كانوا بلا أطفال. والأمثلة كثيرة.
أمّا لفظة "الولادة" فتحمل معنًى مجازيًا، وترمز إلى التجديد الروحاني. من معانيها أيضًا الابتعاد عن الشهوات الأرضيّة، والتغيير في حياة الشخص وتصرّفاته، فيُصبح وكأنه وُلد ثانية أو وُلد من جديد بقلب وذهن جديدين وأهداف جديدة في الحياة.
الولادة من فوق هي أن يعيش الإنسان مُنقادًا بروح الله، لا أن يعيش بحسب الجسد بل بحسب الروح. ويقول بولس الرسول: "أعمال الجسد ظاهرة، التي هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزّب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بَطَر... إنّ الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة وتعفّف" (غلاطية 5: 16-23).
جرأة نيقوديموس وصحوة ضميره
اقتنع "نيقوديموس" بكلام السيّد المسيح، وفهم أبعاد ذلك الحوار البليغ مع المعلّم... وصار من أتباع السيّد المسيح. ودافع عنه في السنهدريم (المجلس اليهودي) لمّا هاجمه الفريسيون. ذاك الذي أتى الى المسيح ليلاً، ماذا عمل عندما رأى موت المسيح فيما بعد؟
لقد تتبّع نيقوديموس مسيرة المسيح في آلامه، وعند موته أتى بجرأة في وضح النهار، ومعه الطيب، وعمل على تطييب جسد المسيح بالمرّ، ودفنه. وكأنّ نيقوديموس يُجاهر بايمانه بالسيّد المسيح بأعلى صوته ويقول: "الآن أُلقي وراء ظهري الاتهامات والمقولات العقيمة عن السيّد المسيح والتي يردّدها أعضاء المجلس اليهودي. الآن عرفتُ الفرق بين ما يُشاع في الأوساط اليهوديّة وبين الحقيقة. كنتُ سجين المعلومات غير الصحيحة عن السيّد المسيح، لكنّي اختبرتُ الحقيقة وفهمتُ المعلّم. اذا كان وقوعي في ظلمة الخوف من مظاهر ضعف الايمان، فإنّ المُجاهرة بالسيّد المسيح يُشكّل الآن موقفي الأساسي، لأعوّض بعض الشيء عن جبني وخوفي وتستّري فيما مضى".
كلّنا نبحث عن السيّد المسيح في ظلمات حياتنا وما أكثرها.. حينئذٍ تكون رغبتنا شديدة الى التواصل معه والتّتلمُذ له كي يُلهمنا بإرشاداته الحكيمة، ويكشف لنا أشياء كثيرة نجهلها أو نتجاهلها وكي يُحرّرنا من الظلمات.
خاتمة
مثل نيقوديموس نحن بأمسّ الحاجة إلى المعلّم الذي يهبنا الحلول والإجابات والردود بخصوص الحقائق التي لا نفهمها ولا نستوعبها.