تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رمزية سمات فرنسيس الأسّيزي لمسيحيّي سوريا

الصليب

حلب - سهيل لاوند - آسي مينا - أحيت الكنيسة اللاتينية في العالم أمس ذكرى مرور 800 سنة على طبع سمات السيد المسيح في جسد القديس فرنسيس الأسيزي. وسوريا لم تكن استثناء، هي التي حمل أهلها سمات آلام منظورة وغير منظورة نتيجة الحرب وتبعاتها ومن ثم الزلزال المدمِّر.

 أوضح رئيس طائفة اللاتين في حلب وكاهن رعية مار فرنسيس الأب بهجت قره قاش الفرنسيسكاني أنّ الرهبنة الفرنسيسكانية في جميع أماكن حضورها في سوريا احتفلت بهذا العيد. وأشار إلى أنّ شبيبة القديس فرنسيس، التي تضمّ جامعيين ملتزمين بالروحانية الفرنسيسكانية، أحيت سهرة صلاة أمس الأول في كنيسة القديس فرنسيس في حي العزيزية-حلب. وتخللت السهرة قراءات روحية، وسجود لمصلوب القديس داميانس، واعترافات. كما أحيت الشبيبة قداسًا احتفاليًّا مساء أمس ترأسه الأب جورج جلوف.

وعن أهمية هذا العيد ومغزاه شرح قره قاش: «عندما نقَل القديس بونافنتورا هذه المعجزة الإلهية إلينا، دوَّن أيضًا المعنى الروحي لها، إذ قال: "صار الحبيب على صورة المحبوب". فالقديس فرنسيس من شدة محبته للربّ يسوع، أرادَ أن يقتدي به في كلّ شيء، والمحبة من طبيعتها جذب الحبيب إلى الاتحاد بمحبوبه. في الواقع هذا ما أراده فرنسيس في صلاته عندما طلب من الربّ هبة أن يشعر في جسده بالحب والألم اللذين شعر بهما يسوع على الصليب».

وتابع: «حقق المصلوب أمنيّة فرنسيس ووهبه اتحادًا أعظم، من خلاله اتخذت آلام فرنسيس معنى آخر، إذ لم تعد مجرد معاناةٍ بشرية، بل صارت اشتراكًا في صليب المسيح وقيامته. وكذلك فإنّ كلّ مسيحي مدعوّ إلى المشاركة في صليب يسوع المسيح من أجل خلاص البشرية».

وفي مقاربة بين جراح القديس فرنسيس وجراح السوريين أكد قره قاش: «جراح فرنسيس نبعت من الحب الذي به أراد أن يتّحد بالمسيح، ومع أنّ جراح السوريين جاءت نتيجة العنف والظلم والإرهاب، لا يمنعها ذلك من أن تصبح جراحًا ممجَّدة».

وأضاف: «ليست العبرة في شكل الجراح، بل في المعنى الذي نعيش به هذه الجراح. وعندما نقرر بالإيمان أن نجعل منها ذبيحة مقدّسة نشترك بواسطتها بذبيحة المسيح، عندها ستعود علينا بثمار الخلاص. لكنّ ذلك ليس أمرًا تلقائيًّا كونه يحتاج إلى الخروج من ذهنية الضحية ورثاء الذات، واختبار قوة القيامة عن طريق الرجاء الذي يمدّنا به إيماننا بالمسيح القائم، ومن ثم العمل على تضميد جراح من حولنا. حينها، نكتشف من خلال المحبة والتضامن كيف يمكن أن تتحوّل جراحنا إلى ينبوع حياة جديدة».

وختم قره قاش بالتشديد على أنّ يسوع ظهر لفرنسيس بصورة ملاك منير ومصلوب في الوقت عينه؛ فالصليب واقع لا يمكننا الهروب منه، لكن يبقى علينا أن نعيشه بطريقة تجعله نورًا في حياتنا، ونعمة تمدُّنا بأجنحة ملائكية، ترفعنا إلى السماوات.