تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

ما معنى الخوف في الكتاب المقدّس؟

كنيسة

بيروت - د.امال شعيا - اسي مينا - توفيق دياب، درس اللاهوت والكتاب المقدّس. انطلق برسالته التبشيريّة منذ أكثر من خمسة وثلاثين عامًا. يُعدّ من مؤسِّسي جماعة رسل الكلمة التي تسير على نهج مرشدها الروحيّ العلّامة الراحل الأب بولس فغالي.

يُطِلّ اللاهوتي دياب اليوم عبر «آسي مينا» ليكشف لنا كيفيّة التعامل مع الخوف انطلاقًا من الكتاب المقدّس.

توفيق دياب

خوف إيجابيّ وآخر سلبيّ

شرح دياب: «تُستَخدَم بالعبريّة كلمات عدّة في العهد القديم، للدلالة على الخوف، أهمّها: "يِراه" و"يري". أمّا في العهد الجديد، فهناك كلمة باليونانيّة، هي "فوبوس"، من فعل "فوبيو"». وأضاف أنّ العهد القديم يحتوي على نوعَيْن من الخوف أوّلهما إيجابي وثانيهما سلبي.

الخوف الإيجابي: «بمعنى مخافة الله التي تجعل الإنسان يدرك حدوده ويَعْرِف الله، فرأس الحكمة مخافة الله (أمثال 1: 7). وتَتَردَّد هذه العبارة كثيرًا في العهد القديم بخاصّة حين نتحدّث عن قداسة الله: "الربّ إلهك تتّقي، وإيّاه تعبد، وبه تتعلّق، وباسمه تحلف" (تثنية الاشتراع 10: 20). فمخافة الله، ليست الخوف منه بل مهابته واحترامه ومحبّته، وجعل مسافة بين الله والإنسان، فيبقى الله هو الله، والإنسان هو الإنسان»، على حد تعبيره.

ومن ثمّ يأتي المعنى السلبيّ للخوف. ويفسّر دياب: «بالتأمّل في سفر التكوين (3: 15- 18)، نجد كيف كان يحيا الإنسان في حضور الله من دون خوف قبل السقطة. لكن بعد ارتكابه الخطيئة، خاف من الله، وبدأ يشوِّه صورته وصار في نظره الإله الديّان. فاختبأ من أمام وجهه».

تبعات الشرّ

أردف دياب: «الشرّ يؤذي مرتكبه. وحين قتل قايين أخاه ارتعب، قائلًا: "كلّ من وجدني قتلني" (تكوين 4: 14). وعلى الرغم من ذلك، تابع الله السير مع الإنسان، ووعده بالخلاص، لأنّه يهمّه الخاطئ لا الخطيئة. لكن في العهد القديم كان الخاطئ والخطيئة متساويَيْن، إنّما في العهد الجديد فصلهما الله عن بعضهما بعضًا».

لا خوف في المحبّة

فنّد دياب: «كيف تحوّل الخوف من الله إلى محبّته في العهد الجديد: "فلا خوف في المحبّة، بل المحبّة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأنّ في الخوف عذابًا. وأمّا من خاف فلم يكن كاملًا في المحبّة" (يوحنا الأولى 4: 18)». 

وفسّر أنّ هذا ما يظهر في حدث السفينة (مرقس 4: 38- 40)، «حين كان الربّ نائمًا وعصفت ريح شديدة. فخاف التلاميذ وصرخوا للربّ: "إنّنا نهلك!" فأجابهم: "ما لكم خائفين هذا الخوف؟ أإلى الآن لا إيمان لكم؟".

فالعاصفة الحقيقيّة، هي في قلب الإنسان الخائف من الموت، والألم... وحين تُظْلِم الدنيا أمام عينيه، يعبّر الله له عن حزنه، ليس لأنّه خائف بل لأنّه غيّب الإيمان عن حياته، بدل أن يثق بإله يحبّه بجنون».