تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الطيبة آخر القرى المسيحية مهدّدة… وتحتاج إلى تضامن العالم

الأب بشار فواضله لـ "فاتيكان نيوز"
الطيبة آخر القرى المسيحية مهدّدة… وتحتاج إلى تضامن العالم

الطيبة - الفاتيكان نيوز - بياتريتشي غواريرا - تتواصل اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بلا توقّف: مبانٍ وسيارات محطّمة، حرائق متعمّدة، وحقول تتعرّض للتخريب. وفي الطيبة، البلدة الصغيرة الواقعة شمال القدس وشرق رام الله، يغيب الهدوء تمامًا. هذه القرية، التي يزيد عدد سكانها قليلًا على الألف، تُعرَف بأنها آخر بلدة فلسطينية جميع سكانها من المسيحيين، وتضم ثلاث كنائس: الأرثوذكسية، والروم الكاثوليك (الملكيّة)، واللاتين.

اعتداءات متصاعدة

يقول الأب بشار فواضله، كاهن كنيسة المسيح الفادي للاتين في الطيبة، في حديثه مع "فاتيكان نيوز"، إن الأيام الأخيرة شهدت "اعتداءات جديدة شنّها المستوطنون"، موضحًا أن الاعتداء طال منزلًا لأحد أبناء البلدة، كما أتلف المستوطنون سيارتين كانتا متوقفتين أمامه. ويضيف: "قطعوا الإطارات، وكسّروا الزجاج والنوافذ… كل شيء".

وللمرة الثانية خلال يومين، تعرّضت محطة الوقود في البلدة للتدمير وسُرق كل ما فيها. ويؤكّد الأب فواضله: "هذه الأعمال التخريبية والعنفية غير مقبولة، وتستوجب إدانة حازمة".

وفي وقت سابق، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجمات نفّذها مستوطنون في إحدى قرى الضفة، واصفًا منفذيها بأنهم "مجموعة صغيرة من المتطرفين". ويرى الأب فواضله أن لهذه التصريحات "أهمية كبيرة"، لأنها تشكّل دليلًا إضافيًا على أن "ما يحدث في الضفة الغربية هو بالفعل جريمة". ويعتبر أن هذا الموقف يعكس ضغطًا دوليًا متزايدًا لوقف اعتداءات "لم تعد تُحتمل".

موسم حصاد بلا ثمار

لا تُعَدّ الطيبة غريبة عن هذه الاعتداءات التي تصاعدت بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ولا سيما مع بدء موسم قطف الزيتون. كثير من المزارعين الفلسطينيين يضطرون لقطع مسافات طويلة للوصول إلى أراضيهم، لكنهم يصطدمون بحواجز وعنف متواصل.

وتشير تقديرات مؤسسة أريج الفلسطينية إلى أن إنتاج زيت الزيتون – أحد أعمدة الاقتصاد الزراعي الفلسطيني – سينخفض بشكل حاد هذا العام بسبب الجفاف واعتداءات المستوطنين. ويقول الأب فواضله: "هذه السنة الثالثة التي نعجز فيها عن الوصول إلى كروم الزيتون الخاصة بنا".

مناخ خوف يهدّد الوجود

الاعتداءات المتكررة خلقت مناخًا من الخوف والإحباط بين السكان. "الكثيرون بدأوا يفكرون بالهجرة وترك البلاد بسبب غياب الأمن"، يقول الأب فواضله، مضيفًا أن الحياة اليومية في الطيبة "مرهونة بالإغلاقات والحواجز العسكرية".

هذا الواقع المتأزم جذب اهتمامًا دينيًا ودبلوماسيًا في تموز الماضي، حين زار رؤساء الكنائس في الأرض المقدسة البلدة، برفقة عدد من الوفود الدبلوماسية، في زيارة هدفت إلى توجيه رسالة دعم واضحة تطالب بالسلام. وبحسب الأب فواضله، حملت الزيارة ثلاثة أبعاد: "إظهار وحدة المسيحيين وتضامنهم، التعبير عن الدعم الدبلوماسي، والضغط على سلطات الاحتلال لوقف اعتداءات المستوطنين"، خاصة بعد أن وصلت النيران في إحدى المرات إلى حنية كنيسة مار جرجس (الخضر) الأثرية.

رجاء الطيبة

يرى الأب فواضله، في زمن مثقل بالمعاناة، أن "الصلاة تبقى عنصرًا أساسيًا"، لأنها "تصنع العجائب، وتغيّر البشر، ويمكن أن تحوّل هذه الأوضاع نحو الأفضل".

كما يشدّد على أهمية دعم مجتمع الطيبة، وهي رعية صغيرة تعتمد على البطريركية اللاتينية في القدس. ويشير إلى أن الهدف القريب هو توفير فرص عمل تمنح العائلات قدرًا من الاستقرار، إلى جانب العمل على جمع التبرعات لمشروع إسكان يخدم أبناء البلدة.

ويختم الأب فواضله مؤكدًا أن الكنيسة مدعوّة، رغم الخوف السائد من اعتداءات المستوطنين، إلى "زرع الرجاء في القلوب"، لأن الرجاء هو الطريق إلى حياة يمكن أن تُعاش بسلام وأمان. ويقول: "رجائي هو رجاء القيامة".