التقنيّة الحديثة… هل تخدم البشارة أم تحاربها؟

التقنيّة الحديثة… هل تخدم البشارة أم تحاربها؟

آسي مينا - إزاء التطوّرات المتسارعة في التقنية اليوم، يلحّ على كثيرين تساؤل حول مخاطرها ومساوئها. هل هي شرٌّ في المطلق؟ أم أنّها كأيّ ابتكار، يمكن استخدامه للخير أو للشرّ، بحسب أفكار المستخدِمين وأهدافهم وغاياتهم؟

أكّد الأب ميسّر المخلّصيّ من رهبنة الفادي الأقدس، في حديثه إلى «آسي مينا» أنّ الكتاب المقدَّس لا يدين الابتكارات البشريّة، بل يدعو إلى الحكمة في التعامل مع الأدوات الموضوعة بين أيدينا. وأضاف: «على العكس تمامًا، فالتقنية مهمة في الوصول إلى المعلومات بدقّةٍ وسرعةٍ تتيحان فرصة اكتساب معرفةٍ أوسع بنصٍّ أو بفكرة ما، والتأمّل فيهما».

قراءة تأمّليّة في الكتاب المقدَّس

أشار المخلّصيّ إلى أنّ ما يتيحه واقع التكنولوجيا اليوم من وسائل، لم يكن ممكنًا ولا في الخيال بالأمس، بخاصةٍ الوصول إلى الكتاب المقدّس. إذ يستطيع ملايين البشر اليوم حول العالم الاعتماد على التطبيقات الذكيّة لقراءة الكتاب المقدّس، بلغتهم، ومتابعة دروس تأمّليّة يوميّة. تقابل ذلك صعوبة حصول مسيحيّين كثيرين على نسخة مادّية من الكتاب المقدّس في الأمس، بسبب الاضطهاد أو قسوة الظروف.

وتابع: «تستخدم الكنائس والجمعيّات المسيحيّة والعلمانيون المهتمّون بالتبشير، الشبكة العنكبوتيّة والتكنولوجيا لنشر الرسالة والبشرى المسيحيّة في جميع أنحاء العالم. إذ تتيح للمؤمنين التواصل مع الكنيسة وتعاليمها، عن بُعد، أينما كانوا».

واسترسل: «عبرها يحضرون القداديس والمحاضرات الروحيّة، لا سيّما في الظروف العصيبة، والأماكن المغلقة حيث يُمنع التبشير التقليدي. فالإنترنت والذكاء الاصطناعي يُستخدمان الآن في توصيل الأناجيل والموارد الروحيّة للمسيحيّين الذين يعيشون في بلدان تقيّد الحرّية الدينيّة. ولنتذكّر أيضًا أيّام جائحة كورونا».

حمل البشارة للعالم

دعا يسوع تلاميذه لينطلقوا إلى العالم ويعلنوا البشرى للخلق أجمعين؛ والكنيسة على مثالهم، مدعوّة إلى حمل البشارة للعالم والإعلان عن ملكوت الله الحاضر في شخص المسيح.

وشرح المخلّصي أنّ التبشير دعوة إلى الخلاص، أي عيش الحياة الأبديّة، فيصبح العالم كلّه «ملكوت الله»؛ ولكن في خضمّ ذلك «على الكنيسة التنبّه إلى أنّها مغناطيس يجذب العالم للملكوت، فلا تأخذ من العالم، بل رسالتها تقديم المسيح إلى العالم».

وختم: «كي نفهم الجانب الإيجابيّ للتقنية وخصوصًا الذكاء الاصطناعيّ، علينا التركيز على كيفيّة استخدامها بطريقة تعزّز القِيَم المسيحيّة وتسهِم في نشر الخير، مسترشدين بكلمات الرسول بولس في رسالته إلى أهل كورنتوس "كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي"، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي"».