
نبض الحياة - سند ساحلية
حادثة قانا في الإنجيل هي أولى معجزات يسوع المسيح التي سجلها الإنجيلي يوحنا في الفصل الثاني من إنجيله (يوحنا 2: 1-11). وفي هذه الحادثة، نرى كيف أن يسوع قادر على تغيير الواقع بكلمته وإرادته، حيث قام بتحويل الماء إلى خمر خلال حفل زفاف في قرية قانا الجليل. وهذه المعجزة تحمل العديد من الدلالات والعبر الروحية واللاهوتية التي تكشف عن شخصية يسوع ورسالته وعلاقته بالله ومحبته للبشرية.
وتدعونا إلى النظر إلى يسوع باعتباره ابن الله ومخلص العالم ومصدر الفرح والخلاص. وتدعونا أيضاً إلى الاقتداء بمريم العذراء في الثقة والطاعة والشفاعة.
دلالة على مجد يسوع
هذه المعجزة تشهد على قدرة يسوع على خلق شيء من لا شيء، وعلى سلطانه على الطبيعة. وهذه القدرة والسلطان هما من صفات الله، الذي خلق السماوات والأرض وكل ما فيها بكلمته (تكوين 1: 1-31). ولذلك، فإن حادثة قانا تشهد على هوية يسوع الإلهية، وتؤكد على ما قاله يوحنا في بداية إنجيله: " في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والكلمة هو الله")يوحنا 1:1). وكانت هذه المعجزة بمثابة إعلان عن بدء رسالته الخلاصية ودعوة للتلاميذ والناس للإيمان به كابن الله ومخلص العالم.
دلالة الخلاص والفرح
نرى كيف أن يسوع يعبر عن رسالته الخلاصية، التي تمنح الإنسان حياة جديدة وفرح أبدي. فالماء الذي تحول إلى خمر يمثل النعمة الإلهية التي تحول حياة الناس من الفقر والحزن إلى الغنى والفرح. أما الخمر فهي عنصر مفرح، يزيد الناس بهجة وسروراً. وهكذا يسوع يعطينا حياة جديدة بروحه القدس، الذي يملأ قلوبنا بالفرح والسلام والمحبة. والخمر الجيدة التي صنعها يسوع تمثل العهد الجديد الذي أقامه يسوع بدمه، الذي يفوق العهد القديم الذي كان مبنياً على الشريعة والموائد. فالعهد الجديد هو عهد النعمة والحرية والإيمان، الذي يجعلنا أبناء الله وأخوة يسوع وأعضاء في كنيسته.
دلالة على ساعة يسوع
عندما أخبرت مريم يسوع بأن الخمر قد نفدت، أجابها يسوع قائلاً: "ما لي وما لك، أيتها المرأة ؟ لم تأت ساعتي بعد" (يوحنا 4:2). وبهذا الجواب، أشار يسوع إلى ساعته الحاسمة والمصيرية، وهي ساعة موته على الصليب وقيامته من بين الأموات. وهذه الساعة هي الساعة التي يتم فيها خلاص البشرية من الخطيئة والموت وتتحقق فيها مشيئة الله الأب. ويظهر فيها مجد يسوع بصورة كاملة ويتم فيها تجديد العهد بين الله والناس.
دلالة دور مريم
نرى كيف أن مريم العذراء لها دور مهم في الوساطة بين يسوع والبشر، وتوجيهها للمؤمنين بالطاعة ليسوع والثقة بمحبته. فمريم هي التي لاحظت نفاد الخمر، وطلبت من يسوع أن يحل المشكلة، ورغم أن يسوع أخبرها بأن ساعته لم تأت بعد، إلا أنها أطاعته وأمرت الخدام بالقيام بما يأمرهم به (يوحنا 2: 5). أظهرت مريم ثقتها العميقة بيسوع واستجابتها الكاملة لمشيئته. فهي التي تشفع للبشر في كل زمان ومكان وتدعوهم إلى الطاعة والإيمان. وهي التي تحن على أبنائها وتسمع صلواتهم وتنقلها إلى يسوع، وتنصحهم بالقول: "مهما قال لكم فافعلوه" (يوحنا 2: 5).
دلالة الزواج والعلاقات الاجتماعية
في هذه الحادثة، نرى كيف أن يسوع جاء ليقدس حياة الزواج والأسرة، وأنه يشارك في فرح الناس ويزيدهم فرحاً بحضوره وعطائه، ويعزز العلاقات الإنسانية والاجتماعية، ويدعمها وينميها، ويعتبرها جزءاً من خطة الله للخلاص.