Aller au contenu principal

مريم العذراء… عنصرٌ جوهريّ في سرّ التجسُّد

العذراء

أربيل - كُلّما تَلَوْنا قانون إيماننا المسيحيّ، نقول عن المسيح الربّ إنّه «تجسَّد من الرّوح القدس ومن مريم العذراء وصار إنسانًا». هذا التجسّد فَتح أبواب السماء، وغدا الله البعيد إنسانًا، وصار عمّانوئيل، أي الله معنا.

نُدرك إذن أنَّ يسوع ومريم متلازمان في وحدة القرار الإلهيّ وغايته: خلاص البشر. فمريم عنصرٌ جوهريّ في سرّ التجسّد، إذ من خلالها دخلَ الله تاريخ البشر ليُتمّم تدبيره الخلاصيّ، كما شرح الأب نويران ناصر الدومنيكيّ.

وتابع: «يأتي وصفها بـ"أمّ الله" تأكيدًا لعظمتها الفائقةِ كلَّ ما ليس الله. فالله هو العظمة اللانهائيّة، ومصدر كلّ عظمةٍ، ولا تكون الخليقة عظيمة إلّا بمقدار علاقتها بالله، ومَن أوثق قربًا وأقوى علاقة بالله مِن مريم أمّه؟».

كانت الأمومة مهمّة مريم الخاصّة، فكان لزامًا أن تنعم بأعظم قداسةٍ يمكن أن يبلغها مخلوق، بخاصّةٍ أنّها قبلت بتواضع أن تُكمّل إرادة الله، فصارت الممتلئة نعمةً وقداسة. «مريم، أمّ الإله المتأنِّس، وثيقة العلاقة بالله، وبالإنسان أيضًا، في كلّ زمانٍ ومكان، فهي أمّ البشريّة جمعاء، وشفيعتها لدى ابنها»، بحسب ناصر.

أنشدت مريم: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ... لأنّ القَدِيْرَ صَنعَ إلَيَّ أمُوْرًا عَظِيْمَةً». وهنا اقتبس ناصر كلمات مارتن لوثر: «فما هذه "الأمور العظيمة" سوى كونها أصبحت أمّ الله؟». وأضاف: «يتعذّر إدراك ما نالته مريم من خيراتٍ جعلتها كائنًا فريدًا في الجنس البشريّ بأسره يسمو فوق الجميع، ولا يعادله أحدٌ. فهي تشترك مع الآب السماويّ في ابنٍ، ويا له من ابنٍ!».

وشدَّد على ضرورة الانتباه إلى أنّ الهدف الأساس لهذه العقيدة ليس تأكيد عظمة مقام مريم، رغم أهمّيّته، بقدر تأكيد حقيقة تجسّد الله. «فالقول إنّ مريم هي "أمّ الله" لا يعني أنّها خالقة اللاهوت أو أصل الألوهيّة، معاذ الله، بل إنّها أعطت الجسدَ للشخص الثاني في الثالوث، الإله الابن الذي اتّخذ منها إنسانيّته».

رَسخت هذه العقيدة في وجدان المسيحيّين الذين آمنوا بها بقوّة وحُبّ منذ بدء المسيحيّة. والمسيح يسوع ليس مُجرَّد إنسانٍ كسائر البشر، بل هو إلهٌ حقٌّ كاملٌ، وإنسانٌ حقٌّ كاملٌ، فكان لا بُدّ لهذا الإنسان من أُمٍّ بشَريّة، وكان لا بُدّ لهذه الأمّ أن تتميّز عن سائر البشر، إذ فيها يتجسّد «كلمةُ الله الأزليّ».

وختم ناصر مؤكّدًا أنّ من ينكر أنّ مريم هي أمّ الله، يطعن في تجسّده. والكنيسة التي تكرّم مريم ولا تعبدها، لا تهدف عبر هذه العقيدة إلى تأليه العذراء، بل الدفاع عن ألوهيّة المسيح، ترسيخًا لإيمان الكنيسة الجامعة بأنَّ «الكَلِمَةَ صَارَ جَسَدًا».

المصدر: جورجينا حبابة، آسي مينا.