Skip to main content

بيان بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس حول الإعلان عن إنتهاء الحرب في غزة

ابونا

"ھﻮ اﻟﺬي ﯾُﺒﻄﻞ اﻟﺤﺮوب إﻟﻰ أﻗﺎﺻﻲ اﻷرض، ﯾﻜﺴﺮ اﻟﻘﻮس وﯾﺤﻄﻢ اﻟﺮﻣﺢ، وﯾﺤﺮق اﻟﺘﺮوس ﺑﺎﻟﻨﺎر. ﯾﻘﻮل: ﻛﻔّﻮا واﻋﻠﻤﻮا أﻧﻲ أﻧﺎ ﷲ، أﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻢ وأﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻷرض" (اﻟﻤﺰﻣﻮر ٤٦: ٩–١٠).

نحن، ﺑﻄﺎرﻛﺔ ورؤﺳﺎء اﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس، ﻧﺘﺸﺎرك ﻣﻊ اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ اﻟﺘﻲ أﻧﮭﻜﺘﮭﺎ الحروب، وﻣﻊ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ ﺣﻮل العالم، ﻓﺮﺣﺘﮭﻢ ﺑﺈﻋﻼن وﻗﻒ إطﻼق النار ﻓﻲ ﻏﺰة وﺗﺒﺎدل الأسرة.

نغتنم ھﺬه اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻨﻌﺮب ﻋﻦ ﺗﻘﺪﯾﺮﻧﺎ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻟﻠﺠﮭﻮد اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﮭﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ، ﺑﻜﻞ أطﺮافه، ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﻘﯿﻖ ھﺬا اﻹﻧﺠﺎز اﻟﻜﺒﯿﺮ. وﻧﺄﻣﻞ ﺑﻜﻞ ﺛﻘﺔ أن ﺗُﺸﻜّﻞ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﺗﻔﺎق وﻗﻒ إطﻼق اﻟﻨﺎر ﻣﺆﺷﺮاً ﺣﻘﯿﻘﯿﺎً ﻋﻠﻰ اﻧﺘﮭﺎء اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ ﻏﺰة، وأن ﺗُﺤﻞّ أي ﺧﻼﻓﺎت مستقبلية ﺑﯿﻦ اﻷطﺮاف ﻋﺒﺮ اﻟﺤﻮار واﻟﻮﺳﺎطﺔ وﺿﺒﻂ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻜﺎﻣﻞ، ﺑﻌﯿﺪاً ﻋﻦ أي ﺗﺠﺪدٍ ﻟﻸﻋﻤﺎل اﻟﻌﺪاﺋﯿﺔ. فقد ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻣﺎ ﯾﻜﻔﻲ ﻣﻦ وﯾﻼت اﻟﺼﺮاع، وﺣﺎن اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺒﺪء ﻣﺴﯿﺮة ﺷﻔﺎء وﻣﺼﺎﻟﺤﺔ طﻮﯾﻠﺔ وضرورية ﺑﯿﻦ  اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ  واﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﯿﻦ.

ﻛﻤﺎ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﺘﺸﺠﯿﻊ ﻛﺒﯿﺮ إزاء اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺬي أﺑﺪاه اﻟﻤﺸﺎرﻛﻮن ﻓﻲ ﻗﻤﺔ ﺷﺮم اﻟﺸﯿﺦ اﻟﺘﻲ دﺷّﻨﺖ ﺗﻨﻔﯿﺬ ھﺬا اﻻﺗﻔﺎق، وﺟﮭﻮد اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﻦ اﻟﺪوﻟﯿﯿﻦ، وﻧﺄﻣﻞ أن ﺗﺘﺤﻮّل ھﺬه اﻟﺘﻌﺒﺌﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻟﻼﻓﺘﺔ إﻟﻰ ﻋﻤﻠﯿﺔ إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﺗﻮﻓّﺮ اﻹﻏﺎﺛﺔ اﻟﻌﺎﺟﻠﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ ﻓﻲ ﻏﺰة، وغيرهم ﻣﻦ اﻟﻤﺘﻀﺮرﯾﻦ في ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﻣﺎ زاﻟﻮا ﯾﻌﺎﻧﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﮭﺠﯿﺮ واﻟﻤﻮت واﻹﺻﺎﺑﺎت واﻟﺠﻮع وﻓﻘﺪان ﺳﺒﻞ اﻟﻌﯿﺶ. ﻟﺬا، ﻧﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﺪﻓّﻖ ﺳﺮﯾﻊ ﻟﻠﻤﺴﺎﻋﺪات إﻟﻰ ﻗﻄﺎع ﻏﺰة، ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﺬاء واﻟﻤﯿﺎه اﻟﻨﻈﯿﻔﺔ واﻟﻮﻗﻮد واﻷدوﯾﺔ، ﺑﻞ ﯾﺸﻤﻞ أﯾﻀﺎً اﻟﻤﻼﺟﺊ واﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻟﻄﺒﯿﺔ اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ، ﺗﻤﮭﯿﺪاً ﻹطﻼق ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﺷﺎﻣﻞ وﺳﺮﯾﻊ ﻹزاﻟﺔ اﻟﺮﻛﺎم وإﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻤﻨﺎزل واﻟﻤﻨﺸﺂت واﻟﺒﻨﯿﺔ اﻟﺘﺤﺘﯿﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ اﻟﻤﺪﱠﻣﺮة.

وفي نفس الوقت، ننظر بقلق بالغ إﻟﻰ  ﺗﺼﺎﻋﺪ  اﻟﻌﻨﻒ  ﻓﻲ  اﻟﻀﻔﺔ  اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ  ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ  ﻣﻊ  ﺗﻮﺳﻊ اﻟﻤﺴﺘﻮطﻨﺎت ھﻨﺎك. وﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ، ﻧﻮجّه ﻧﺪاءً ﺻﺎدﻗﺎً إﻟﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻷطﺮاف اﻟﻤﻌﻨﯿﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﺘﻮﺳﯿﻊ ﻧﻄﺎق اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ﺑﺤﯿﺚ ﺗﺸﻤﻞ إﻧﮭﺎء اﻻﺣﺘﻼل ﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ وﻗﻄﺎع ﻏﺰة، ﺑﻤﺎ ﯾقضي إﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﻌﯿﺶ ﺟﻨﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻓﻲ ﺳﻼم ﻣﻊ دوﻟﺔ إسرائيل. ﻓﺒﮭﺬه اﻟﺨﻄﻮة وﺣﺪھﺎ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺘﺤﻘﻖ ﺳﻼم ﻋﺎدل وداﺋﻢ ﻓﻲ اﻷرض اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ وﻓﻲ الشرق الأوسط بأسره. 

وﻧﺨﺺّ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺗﺸﺠﯿﻊ الى أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ ﻛﻨﯿﺴﺘﻲ اﻟﻘﺪﯾﺲ ﺑﺮﻓﻮرﯾﻮس اﻷرﺛﻮذﻛﺴﯿﺔ واﻟﻌﺎﺋﻠﺔ المقدسة الكاثوليكية، والعاملين في مستشفى الأهلي الإنجيلي، مؤكدين أن ثباتهم في الإيمان وسط المعاناة التي لا توصف خلال العالمين الماضيين شكّل لنا مثالاً يحتذى به. ونجدّد لهم صلاتنا ودﻋﻤﻨﺎ، ﻣﻌﻠﻨﯿﻦ اﻟﺘﺰاﻣﻨﺎ ﺑﻤﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺈﺧﻼصٍ وﺟِﺪّ ﻟﻀﻤﺎن أن ﺗﻜﻮن اﻷﺳﺎﺑﯿﻊ واﻷﺷﮭﺮ اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﺑﺮھﺎﻧﺎً ﻋﻠﻰ ﺻﺪق ﺛﻘﺘﮭﻢ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﯾﺔ اﻹﻟﮭﯿﺔ.

بهذه الروح، ﻧﺘﺤﺪ ﻣﻊ إﺧوﺗﻨﺎ اﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ وﻣﻊ ﺟﻤﯿﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﻮاﯾﺎ اﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺷﺎﻛﺮﯾﻦ ﷲ اﻟﻌﻠﻲّ اﻟﺬي ﻗﺎدﻧﺎ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻤﺒﺎرﻛﺔ، وﻧﺤﻦ ﻧﺪرك ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﮫ أن ﻣﺴﯿﺮة ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻼم ﻣﺎ زاﻟﺖ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ. ﻧﺴﺄل ﷲ أن ﯾﻤﻨﺤﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎً اﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﻘﻮة ﻟﻨﻜﺮّس أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﺠﺪداً ﻟﮭﺬه اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﺎﻣﯿﺔ، ﻛﻲ ﯾﻘﻮدﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬھﺒﻲ ﻟﻠﺴﻼم اﻟﺬي ﺑﺸّﺮ به اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺤﻜﻤﺎء ﻣﻨﺬ اﻟﻘﺪم، واﻟﺬي ﻣﻦ أﺟله ﻗﺪّم ﺳﯿﺪﻧﺎ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﺣﯿﺎته وﻗﺎم ﻣﻦ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻮات ﻟﯿﻤﻨﺢ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﺣﯿﺎةً ﺟﺪﯾﺪة.

المصدر: البطريركية اللاتينية القدس