
غزة - أطلقت المنظمات الإنسانية الناشطة في قطاع غزة نداء إلى قادة الدول الذين سيلتقون في إطار أعمال الجمعية العامة الثمانين للأمم المتحدة بنيويورك، بدءا من الثالث والعشرين من أيلول سبتمبر الجاري، كي يتدخلوا من أجل وقف أعمال العنف في القطاع الفلسطيني، مشددة على ضرورة أن تتخلى الأطراف كافة عن العنف وأن تضمن احترام القانون الإنساني الدولي وتسعى من أجل السلام.
هذا النداء أطلقته أكثر من عشرين منظمة إنسانية ناشطة في غزة، وجاء في أعقاب الإعلان الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة، والتابعة للأمم المتحدة، والذي تحدث للمرة الأولى عن عمليات إبادة في القطاع. شددت المنظمات على ضرورة أن تتصرف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشكل يتلاءم مع المهام التي أُسندت إلى المنظمة الأممية لثمانين سنة خلت. وقالت – في بيان مشترك – إن ما نشهده في القطاع اليوم، ليس كارثة إنسانية لا سابق لها وحسب، بل هناك عمليات إبادة تُرتكب هناك، كما أعلنت لجنة التحقيق والتي تحظى بتأييد عدد كبير من المنظمات الحقوقية، أيضاً داخل دولة إسرائيل، واعتبرت أنه يتعين على جميع الأطراف المعنية بالصراع أن تنبذ العنف، وأن تحترم القانون الإنساني الدولي وتسعى من أجل السلام.
وأكدت أن الدول مدعوة لاستخدام كل الأدوات السياسية والاقتصادية والقانونية المتاحة، مشيرة إلى أن الخطابات والإجراءات المنتقصة لا تكفي، لأن هذه المرحلة المأساوية تتطلب عملاً واقعياً ومقررا. وذكّر البيان بأن الأمم المتحدة تعتبر القانون الإنساني ركيزة للسلام والأمن العالمي، ومن واجب الدول الأعضاء أن تلتزم بتعهداتها على هذا الصعيد. ولفت إلى أن التاريخ سيحكم على هذه المرحلة كامتحان تمرّ به البشرية، ويبدو لنا أنها باءت بالفشل تجاه سكان عزة، تجاه الرهائن وتجاه مسؤوليتنا الجماعية الخلقية.
ويقول الموقعون على البيان إن المنظمات المعنية شاهدت بأم العين ما يتعرض له أهل القطاع من موت وآلام، وأكدوا أن النداءات التي أُطلقت من أجل وقف العنف لم تلقَ آذانا صاغية لغاية اليوم، وما تزال أرواح آلاف الأشخاص معرضة للخطر. وأضاف البيان أنه بعد أن أمرت السلطات الإسرائيلية بالتهجير الجماعي لسكان مدينة غزة، وهم حوالي مليون نسمة، ستتفاقم الأزمة بشكل كبير، خصوصا وأن القطاع كله أصبح أرضا يعجز الإنسان عن العيش فيها، كما جاء في البيان.
هذا وذكّرت المنظمات الإنسانية بأن الحرب في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من خمسة وستين ألف فلسطيني، بينهم ما لا يقل عن عشرين ألف طفل. هذا بالإضافة إلى آلاف المفقودين، الذين دُفنوا تحت الأنقاض، فيما بلغت نسبة من هُجروا قسراً تسعين بالمائة من مجموع عدد السكان البالغ مليونين ومائتي ألف نسمة. كما يوجد في القطاع أكثر من نصف مليون شخص يموتون جوعاً. ولفت البيان إلى أنه إزاء هذا الوضع الكارثي لم يُحرك قادة العالم ساكناً، فيما تُعرقل جهود الساعين إلى الدفاع عن حقوق الشعب الغزاوي وإلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. من هذا المنطلق ثمة حاجة ملحة إلى اتخاذ تدابير ملموسة من قبل الحكام كي يوضع حدّ للعنف في غزة.
في هذا السياق أجرى موقعنا الإلكتروني مقابلة مع إسبيرانسا سانتوس، منسقة عمليات الطوارئ في منظمة "أطباء بلا حدود" التي سلطت الضوء على العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة، والتي فاقمت الوضع، خصوصا مع نزوح آلاف السكان إلى وسط القطاع وجنوبه هرباً من القصف الإسرائيلي، مع العلم أنه لا يوجد مكان آمن لهم في القطاع. وقالت إنها شاهدت سيارات وشاحنات محملة بمختلف اللوازم، كما رأت أشخاصا ينزحون سيراً على الأقدام، آخذين معهم ما تيسّر حمله من اللوازم الضرورية.
وختمت المسؤولة في منظمة "أطباء بلا حدود" حديثها تقول إن الناس تعبوا من الوضع، والسبب الوحيد الذي حمل هؤلاء الأشخاص على النزوح مجددا هو الأبناء مدركين أنهم قد لا ينعمون بمستقبل أفضل لكنهم يريدون أن يحاولوا توفير مستقبل أفضل لأبنائهم.