
الموصل - هل يبحث شبابنا عن كنيسة بلا عيوب وبلا خطايا كي يخدموا فيها؟ أليس الأحرى بهم أن يشرعوا خدمتهم مدفوعين بشغفهم رغم ضعفهم وشكّهم، مقتدين بالتلاميذ الذين حملوا البشرى إلى أقاصي الأرض، رغم بساطتهم، محتملين العذابات والاضطهادات، فأثمر صبرهم على الشدائد والأحزان والضيقات فرحًا ورجاءً دائمًا بالمسيح؟
كثيرًا ما يتغلّب التردّد على الحماسة حينما يفكّر شابٌّ أو شابّة في المبادرة إلى الخدمة في الكنيسة، لا بسبب عدم الإيمان، بل هي غالبًا لامبالاة سبَّبَها جرحٌ قديم، تجربة مؤلمة، خيبة أمل من الكنيسة نفسها أو أحد رعاتها وتركت آثارها في القلب، وفق ما بيَّنَ الأب أنطوان زيتونة، الكاهن في أبرشيّة الموصل الكلدانيّة.
وقال: «هؤلاء لا يرفضون الكنيسة، بل يُعبّرون عن ألمهم لأنّها، أحيانًا، لم تكن الحضن المتوقَّع. أحَبّوا أن يخدموا، فوجدوا من يمنعهم. أرادوا أن يكونوا قريبين من الربّ، لكنّهم رأوا في الكنيسة من يتصرَّف بطريقةٍ تجعلهم يبتعدون».
المُرافقة ليست تَرَفًا
حاجة شبابنا عميقة إلى من يُرافقهم، يسير معهم، لا يتقدّمهم بل يعتني بهم ويرشدهم. وهم لا يطلبون الكثير، فالمرافقة ليست ترفًا، بل شرطًا للنموّ، سواء للمكرَّسن أم للشبيبة عمومًا، وغيابها من أكبر الثغرات في حياة الكنيسة اليوم، بحسب زيتونة.
وهؤلاء يدعوهم زيتونة ليكونوا الجماعة التي تفتح الأبواب أمام الآخرين ليعاينوا المسيح ويتعرّفوا إلى محبّته من خلالهم. «فالخدمة المعطاة للمكرَّسن في الكنيسة ولخدّامها ليست وظيفة، بل شهادة إيمان حيّة، وخبرة مع المسيح، تساعد كلّ من عاشها ليقول للآخر: لقد رأيْتُ الربّ. والآن دورك لتعاين وتشهد وتعلن مع توما: "ربّي وإلهي"، متذكِّرًا أيضًا كلمات بولس الرسول "الويل لي إن لم أُبشّر!"».
وقال: «كما لم يخجل الربّ القائم من جراحه وأراها لتلاميذه، لن يخجل من جراحكم. فلا تخافوا الانخراط في الخدمة لأنّكم مُتعَبون، مجروحون ومثقَلون بالهموم، فخدمتكم ستكشف لكم أنّ جراحكم لن تعوقكم بل ستمهّد لكم ولإخوتكم طريقًا يوصلكم إلى المسيح».
وختم زيتونة داعيًا الشبّان والشابّات ليكونوا تلاميذ حقيقيّين وفق الصورة التي أرادها يسوع، مؤسِّسين حياتهم على الصخر ليغدوا قادرين على حمل بشرى المحبّة إلى العالم، متَحَدّين الصعوبات والمعوِّقات والآلام، في سبيل إعلان كلمة الله، مؤمنين بأنّ المسيح اختارهم وأحبّهم، ومدركين أنّ الدعوة ليست فقدانًا للحرّية، بل انطلاقة إلى الحياة.
المصدر: جورجينا حبابه / آسي مينا