الصوم الأربعيني: رحلة روحية للشباب في كنيسة الأرض المقدسة

البطريركية اللاتينية

البطريركية اللاتينية - الصوم الأربعيني هو فرصة ذهبية لكل شاب وشابة ليعيشوا تجربة روحية عميقة تُقرِّبهم من الله وتساعدهم على إعادة ترتيب أولوياتهم. إنه أكثر من مجرد زمن تفرض الكنيسة، بل هو دعوة شخصية للتغيير والنمو الداخلي، من خلال الصوم، والصلاة، وأعمال الخير (الصدقة).

لماذا يهمك الصوم الأربعيني؟

في عالم اليوم، حيث الضغوطات اليومية، والانشغال المستمر، ووسائل التواصل الاجتماعي تستهلك الكثير من وقتنا، يمنحنا الصوم وقتًا للتوقف والتفكير في حياتنا الروحية. فهو يذكّرنا بأهمية التوبة، وفرصة لبدء صفحة جديدة مع الله ومع أنفسنا ومع الآخرين. هذه الفترة تساعدنا على التخلص من العادات التي تبعدنا عن الله، والتركيز على ما هو جوهري في حياتنا.

وفي رسالة الصوم لعام 2025، شدد الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، على أن الصوم ليس مجرد عادة تقليدية، بل هو "سرًّا من أسرارِ المصالحةِ، يمنحُنا فرصةً جديدةً، وهبةً متجدّدةً من الروحِ الذي يقودُنا مع المسيحِ إلى البريةِ، لكي نُصغي مجدّدًا إلى كلمةِ النعمةِ والمغفرةِ". وأكد أن الفصح القادم ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو "تذكار حيّ وفعلي لنعمة الله التي تصالحنا معه في صليب المسيح وتجعل منا خليقة جديدة".

روحانية الصوم: كيف تعيشها بصدق؟

الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام أو تقليل استخدام الهاتف، بل هو أسلوب حياة. يمكن للشباب أن يعيشوا روحانية الصوم من خلال:

الصلاة: تخصيص وقت يومي للحديث مع الله، سواء من خلال الكتاب المقدّس أو تأمل شخصي.

الصوم: ليس فقط عن الطعام، بل عن أي شيء يسيطر على حياتنا ويبعدنا عن الله، مثل الإدمان على الإنترنت أو العادات السيئة.

الصدقة: مشاركة ما لدينا مع الآخرين، سواء كان وقتًا، أو جهدًا، أو دعمًا للمتضررين والمحتاجين.

ودعا الكاردينال بيتسابالا "الجميعَ إلى ممارسةِ التضحيةِ التي تتحوّلُ إلى عطاءٍ"، والعودة بقناعة وحزم إلى ممارسة الصوم والصلاة والصدقة، كوسيلة لتعميق العلاقة مع الله وتعزيز الروحانية خلال هذا الزمن المقدس.

كيف نعيش الصوم الأربعيني في كنيسة الأرض المقدسة؟

ما يميز كنيستنا في الأرض المقدسة، هو قربها من الأماكن المقدّسة حيث عاش وتألم ومات وقام السيد المسيح، لذا دعونا نحج إلى هذه الأماكن والصلاة فيها، ونحمل في نياتنا كل الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إليها إما بسبب التصاريح، أو الحواجز، أو المسافات البعيدة، فنكون لهم جميعاً جسر صلاة نحملهم على درب الخلاص معنا.

الفوائد الروحية: ماذا ستحصل من هذا الزمن المقدس؟

الشباب الذين يلتزمون بالصوم يشعرون بتغير حقيقي في حياتهم، لأنه يساعدهم على:

تعزيز علاقتهم بالله: من خلال الصلاة والتأمل.

التخلص من العادات السلبية: واكتساب قوة الإرادة.

الاقتراب من الآخرين: عبر المشاركة في أعمال الخير والأعمال التطوعية.

الشعور بالسلام الداخلي: لأن الصوم يُطهِّر القلب ويمنح راحة روحية حقيقية.

الصوم ليس مجرد فترة عابرة، بل هو دعوة لتغيير مستمر. إنها فرصة للشباب ليعيدوا اكتشاف هويتهم الروحية ويضعوا أساسًا قويًا لحياتهم مع الله. وكما قال الكاردينال بيتسابالا، "لا يذهب سَدًى هذا الزمنَ الذي يمنحنا إياه اللهُ برحمته. إنها ليست مجرّدَ "فترةِ صومٍ أخرى"، بل يمكنُ أن تصبحَ "صومًا جديدًا ومختلفًا"! فهل أنت مستعد لهذه الرحلة الروحية؟