
الطيبة - نبض الحياة - استقبل الأب بشار فواضله، كاهن رعية المسيح الفادي للاتين في الطيبة، وفدًا رسميًا من جمهورية التشيك للاطلاع على أنشطة الرعية، والمبادرات التعليمية والإعلامية، وللتعرف عن قرب على واقع الحياة اليومية في البلدة.
ضم الوفد مسؤولين رفيعي المستوى من وزارة الخارجية ومكتب الرئيس ومكتب التمثيل التشيكي في رام الله، يتقدّمهم السيد راديك روبيش، وكيل وزارة الخارجية التشيكية، والسيد جاكوب شلوسارك، رئيس مكتب التمثيل.
كما شارك في الوفد كل من السيد بيتر هلاديك، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية، والسيدة مارتا هوشكوفا من مكتب الرئيس، والسيد دافيد ميرتل، نائب رئيس مكتب التمثيل، والسيد توماس خلوبتشيك، رئيس قسم التعاون الاقتصادي، والسيد إدوارد سوكوب من دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية التشيكية.
شارك في اللقاء أيضًا كل من تامر نصر الله، مدير مدرسة البطريركية اللاتينية في الطيبة، وسند ساحلية، المدير التنفيذي لمنصة وإذاعة نبض الحياة.
الواقع الفلسطيني من قلب الطيبة
رحّب الأب فواضله بالوفد، مقدمًا لمحة عن الحياة اليومية في بلدة الطيبة، الواقعة شرق رام الله. الطيبة هي البلدة المسيحية بالكامل الوحيدة المتبقية في الضفة الغربية. وأشار إلى أنه رغم صغر حجم البلدة وقلة سكانها، فإنها تعكس الواقع الأوسع للشعب الفلسطيني، بما في ذلك التحديات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية. ويواجه السكان ضغوطًا متزايدة تتعلق بفرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة وقيود الحركة، إضافة إلى الاعتداءات المتكررة من المستوطنين على الأراضي والممتلكات.
وأشار إلى أن البطريركية اللاتينية في القدس والمؤسسات المسيحية، بالتعاون مع رعية الطيبة، تبذل جهودًا مستمرة لدعم العائلات وتعزيز صمودها من خلال برامج تشغيل ومبادرات دعم اجتماعي وصحي وتعليمي، تشمل الشباب والعائلات والطلاب، في إطار رؤية متكاملة تربط بين التنمية والرعاية الروحية.
وأكد الأب فواضله أن فلسفة العمل الكنسي في البلدة تقوم على ثلاث ركائز مترابطة: تأمين مصدر دخل كريم للعائلات، وتوفير السكن الملائم للشباب، وتعزيز الأمن والاستقرار من خلال التعاون مع الهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية. وقال: " بهذه الثلاثية، نُسهم في حفظ الحضور المسيحي المتجذر والأصيل في فلسطين، لا كشكل تراثي أو رمزي فقط، بل كشهادة حياة يومية تعبّر عن الإيمان المتجذر في الأرض المقدسة وعن التزام الكنيسة بخدمة الإنسان أينما كان".

اهتمام تشيكي بالسلام والتنمية
بدوره، عبّر السيد راديك روبيش، وكيل وزارة الخارجية التشيكية، عن تقديره العميق لما شاهده من مبادرات تقوم بها الكنيسة اللاتينية في الطيبة، مؤكّدًا أن بلاده تتابع باهتمام ما يجري في الأراضي المقدسة، وتثمّن الجهود التي تُبذل للحفاظ على التنوّع الثقافي والديني فيها.
وقال إن جمهورية التشيك ترى في دعم مشاريع التعليم والمجتمع المدني مدخلًا لتعزيز الاستقرار والسلام، مشيرًا إلى أن بلاده تؤمن بالحوار والتعاون العملي مع جميع الشركاء المحليين في فلسطين.
كما أعرب عن إعجابه بتجارب الرعية والمدرسة و "نبض الحياة" في تعزيز روح المبادرة والمواطنة، معتبرًا أن ما رآه في الطيبة يشكّل نموذجًا لما يمكن أن تقدمه المجتمعات الصغيرة حين تتكاتف لخدمة الخير العام.
الإعلام كشاهد ورسالة
من جانبه، قدّم سند ساحلية عرضًا حول رؤية ومنهج عمل منصة وإذاعة نبض الحياة، التي انطلقت من الطيبة لتكون صوتًا محليًا يعكس نبض المجتمع ويروي قصص الناس البسطاء بعيدًا عن التسييس أو التجميل. وأشار إلى أن المنصة تسعى لتوثيق التراث والذاكرة الفلسطينية، وإبراز الحضور المسيحي كجزء أصيل من الهوية الوطنية.
وقال ساحلية: "رسالتنا أن نعيد تقديم صورة فلسطين الحقيقية، تلك التي يعيش فيها المسلم والمسيحي كتفًا إلى كتف، ويواجهان معًا التحديات بروح واحدة. الإعلام بالنسبة إلينا ليس مهنة فقط، بل شهادة على الوجود."
وأوضح أن التواصل مع الإعلام الغربي والأوروبي مهم لتصحيح المفاهيم حول الشرق الأوسط، خاصة في ظل تصاعد خطاب الكراهية والإسلاموفوبيا، مشيرًا إلى أن المسيحيين العرب لطالما شكّلوا جسرًا ثقافيًا وإنسانيًا بين الشرق والغرب، وأن الحفاظ على هذا الجسر مسؤولية مشتركة.

التعليم في خدمة الإنسان والمجتمع
أما تامر نصر الله، مدير المدرسة اللاتينية في الطيبة، فاستعرض للوفد برامج المدرسة التي تجمع بين التعليم الأكاديمي والتنشئة القيمية، موضحًا أن المدرسة تسعى إلى غرس روح الانتماء والمسؤولية لدى الطلبة، وتشجعهم على الابتكار والمبادرة الاجتماعية.
وأشار إلى أن المدرسة، رغم محدودية الإمكانيات، تبقى مركزًا للتنشئة الوطنية والمجتمعية في البلدة، إذ تضم طلبة من الطيبة والقرى المجاورة شرق رام الله، وتحرص على ترسيخ مبادئ العدالة والمواطنة والعيش المشترك.
وأوضح نصر الله أن المدرسة تعمل وفق رؤية مدارس البطريركية اللاتينية التي تضع الإنسان في قلب العملية التربوية، وتسعى إلى بناء شخصية متكاملة تجمع بين الإيمان والعلم والانفتاح على الآخر. وأضاف أن الهدف من التعليم في مدارس البطريركية لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يمتد إلى تربية أجيال مسؤولة وفاعلة في مجتمعاتها، قادرة على المساهمة في بناء السلام وخدمة الخير العام، انطلاقًا من رسالة الكنيسة في خدمة الإنسان أينما كان.
