Aller au contenu principal

الطيبة... آخر قرية مسيحية تصارع للبقاء: الأب بشّار فواضله يتحدث عن واقع مؤلم ورجاء لا ينطفئ

في مقابلة مع "باريس نوتردام"؛ النشرة الرسمية لأبرشية باريس الكاثوليكية
الأب بشار فواضله

باريس نوتردام - دافيد بيني – ترجمة "نبض الحياة"
في ظلّ واقع يزداد صعوبة يومًا بعد يوم، تواصل بلدة الطيبة، آخر قرية مسيحية في الضفة الغربية، صمودها في وجه التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية. وفي مقابلة خاصة مع "باريس نوتردام" اجراها دافيد بيني، يشرح الأب بشّار فواضله، كاهن رعية المسيح الفادي في الطيبة، تفاصيل الحياة اليومية لأبناء قريته، داعيًا العالم إلى الوقوف إلى جانبهم.

حياة يومية مثقلة بالعوائق

"الحياة اليومية في الطيبة صعبة، عسيرة ومعقّدة"، بهذه الكلمات افتتح الأب فواضله حديثه، مشيرًا إلى أن الواقع المعيشي لا يتيح لأهالي القرية القيام بأي نشاط جديد أو خارج عن المألوف. ويضيف: "التنقل أصبح بالغ التعقيد، فالطرقات مليئة بالحواجز العسكرية ونقاط التفتيش، سواء في الذهاب أو الإياب من وإلى القرية. الطيبة تقع بين القدس ونابلس، لكن الوصول إليهما يكاد يكون مستحيلًا".

الطيبة / رام الله
منظر عام للطيبة /رام الله

ويشرح أن الذهاب إلى رام الله – الذي كان لا يستغرق أكثر من 15 دقيقة – أصبح اليوم يحتاج ما بين ساعة ونصف وساعتين ونصف، منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول 2023.

وعن الواقع الأمني، يقول: "نتعرض بانتظام لهجمات من المستوطنين، وأحيانًا من جنود الجيش الإسرائيلي. المنازل، الأراضي، والعائلات جميعها مستهدفة، حتى أشجار الزيتون التي تشتهر بها الطيبة".

هذا الضغط اليومي يدفع الكثير من العائلات إلى التفكير بالهجرة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبقى خيار البقاء هو الروح السائدة في الرعية. "نحن نؤمن أن هذا هو صليبنا الذي نحمله، والطيبة ليست مجرد بلدة، بل آخر قرية مسيحية في الضفة الغربية، وزيّنها الرب يسوع بزيارته. إنها مهمة ليس لنا فقط، بل لكل مسيحيي الشرق"، يوضح الأب فواضله.

رجاء ينبع من الإيمان

في ظلّ هذا الواقع القاسي، لا يزال الرجاء حيًا في قلوب أبناء الطيبة، كما يؤكد الأب فواضله: "نحن مسيحيون فلسطينيون، وإيماننا هو ما يقوّينا. نريد أن نسير على خطى يسوع ونتحمّل هذه المحنة".

ويتابع: "رجاؤنا أن نتمكن يومًا من العيش بسلام، وأن يتحقق العدل وينتهي الاحتلال. هذا أملنا، ليس للفلسطينيين فقط، بل للعالم أجمع".

ويؤكد أن يسوع يرافقهم، وأنهم ليسوا وحدهم، مشيرًا إلى وجود علاقات طيبة مع عدد من القنصليات الأجنبية وخاصة القنصلية الفرنسية العامة في القدس، معتبرا أن دعمهما "رمزي، لكنه موجود".

كما ينوّه الأب فواضله بموقف البابا فرنسيس الذي يدين الاحتلال والحرب في غزة، مؤكدًا أن الدعم المعنوي للكنيسة الجامعة له أثر كبير على الأرض.

وفيما يتعلق بالشباب، يوضح أن الكثيرين يفكرون بالهجرة، لكن آخرين يتمسكون بالأرض، بل إن بعض العائلات المهاجرة تعرب عن رغبتها في العودة، كما حصل مع عائلة غادرت إلى غواتيمالا ثم عبّرت عن نيتها العودة لتعلّم تقاليدها ولغتها الأصلية.

دعوة إلى الدعم... وإلى الحضور

يتوجّه الأب فواضله بالشكر لأبرشية باريس ومنظمة "أعمال الشرق" على دعم مشروع إسكان العائلات في الطيبة خلال زمن الصوم، مؤكدًا أن هذا المشروع لا يزال بحاجة إلى دعم مستمر ليُستكمل.

ويوجّه دعوة مفتوحة إلى المؤمنين حول العالم: "تعالوا وانظروا" (يوحنا 1: 38-39). ويشرح: "نحن نعيش على تقاليد أجدادنا، وفي الإيمان المسيحي جيلًا بعد جيل. بقينا في هذه الأرض التي زارها يسوع منذ ألفي عام. إنها أجواء استثنائية لعيش الإيمان، ونحن مستعدون لاستقبال الحجاج الراغبين في التأمل والصلاة في الأرض المقدسة".

دوار المسيح
الطيبة - ميدان إفرايم

ويؤكد: "نريد البقاء على أرضنا. نحتاج إلى دعمكم، وصلواتكم من أجلنا، ومن أجل العالم. هذا القرب الروحي يجعلنا نشعر بالأخوّة الجامعة: "أنتم جميعًا إخوة" (متى 23: 8)".

ويختم الأب فواضله بكلمات مؤثرة: "من هنا، من أرضنا المقدسة، بدأ كل شيء. من بيت لحم إلى القدس، مرورًا بأماكن مقدسة كثيرة، منها الطيبة. هنا مشى يسوع وعلّم. لكن الأهم اليوم هم "الحجارة الحيّة" – شهود الإيمان المسيحي. ومن هنا انطلقت بشارة القيامة في اليوم الثالث، وهي بشارة الخير التي يحتاج شعبنا اليوم إلى إعادة اكتشافها".