
نبض الحياة: تعيش الأراضي المقدسة مرحلةً عصيبة تثير قلق العالم بأسره. وعلى وقع الاشتباكات المستمرّة بين الفلسطينيين والاحتلال، يكرّر الكرسي الرسولي دعوته إلى وقف فوريّ لإطلاق النار وحماية المدنيين الأبرياء. وفي حين تحوّلت كنائس قطاع غزة إلى ملاجئ للمسيحيين الهاربين من العنف، بدأت آثار الحرب القاسية تظهر في واقعهم ومستقبلهم.
أشارنائب حارس الأراضي المقدسة الأب ابراهيم فلتس إلى أنّ الوضع تدهور بشكل كبير بسبب مستوى العنف والقتل غير المسبوق. وأضاف: "أكثر ما يثير القلق هو الحقد الذي تسببت فيه هذه الحرب وفقدان الأمل في القلوب". وذكر أنّ ما يجري يهدد قدرة السكان المحليين على التعايش، إذ إنّ "ما زرعه دعاة السلام والعيش المشترك دمّره التطرف والعنف". وعن فرضيّة استمرار الحرب قال: "هذه الحرب ليست كسابقاتها. للأسف، في ظل ما نسمعه عن أهداف موضوعة ومعلنة، وعن أسرى ورهائن، من الواضح أن الحرب ستطول".
وشدّد فلتس على أنّ الأبرياء هم الضحية الأكبر لهذا الصراع، مشيرًا إلى أنّ الأراضي المقدسة أصبحت مسرحًا لتصفية حسابات دولية في ظل الصراع العالمي القائم. ومع ذلك، يرى أنّ هناك فرصة للعثور على الخير وسط هذا الشر، وأنّ الضغط الدولي يجب أن يقود إلى حلّ دائم يضمن العدالة.
وضّح فلتس تأثير الحرب على المسيحيين في المنطقة بقوله أنّ المسيحيين في غزة والضفة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني ويشاركون في مختلف جوانب الحياة. وذكر أنّ الهجوم على كنيستهم لا يمكن فصله عن الهجمات على المساجد والمستشفيات والبيوت الآمنة. وأشار إلى أنّ هناك خصوصية للمسيحيين بسبب عددهم القليل نسبيًّا ومكانتهم الدينية.
وعن تفاقم معاناة المسيحيين في ظلّ الانقطاع المتكرر للاتصالات والإنترنت في غزة، قال فلتس: "نحن على تواصل معهم. فبعد الهجوم على كنيسة القديس برفيريوس، وسقوط عدد كبير من الضحايا، التجأ الناجون في مسلسل النزوح واللجوء الملازمَين للشعب الفلسطيني، إلى كنيسة اللاتين المجاورة حيث هناك الآن ما يقارب 700 شخص". وأضاف: "المسيحيون يعانون شدة القصف ويتوقعون الشهادة في كل لحظة، لا ماء سوى ما تبقى في الآبار ولا طعام سوى المتبقي، ولا دواء".
وعلى صعيد الآثار المادية والمعنوية لهذه الحرب على المسيحيين، رأى فلتس أنهم سيتأثرون كثيرًا إذ تعتمد أنشطتهم الاقتصادية بشكل كبير على السياحة والأعمال الكنسية. وتابع: "المسيحيون عمومًا أول من يتأثر ماديًّا ومعنويًّا، وآخر من يتعافى ماديًّا". وأردف: "نتوقع هجرة المسيحيين ونزوحهم من غزة نتيجة الاعتداءات التي لحقت بهم، والتي شكلت جزءًا أساسيًّا في تدهور الوضع الحالي".
وعلى صعيد الجهود الدولية، أكد فلتس وجوب تعاون المنظمات الكاثوليكية مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية للمتضررين في أسرع وقت لتفادي كوارث حقيقية. وعلى الساحة المحلية، يجب أن تواصل هذه المنظمات التفاعل مع المسيحيين المحليين وتحديد احتياجاتهم وتقديم الدعم اللازم لهم.
وناشد فلتس العالم الاستجابة للدعوة إلى وقف الحرب في الأراضي المقدسة، مشيرًا إلى أنّ على المجتمع الدولي والمنظمات الكاثوليكية العمل بجدية من أجل إنهاء العنف والتوجيه نحو حلّ دائم وعادل يضمن العيش الآمن والسلم للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. وختم فلتس حديثه مؤكّدًا أنّ الكنيسة ستواصل الصلاة من أجل عودة الأمن والسلام الى البلاد.