تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

نداء نائب حارس الأراضي المقدسة من القدس

المركز المسيحي للاعلام

المركز المسيحي للأعلام - الأب إبراهيم فلتس الفرنسيسكاني نائب حارس الأراضي المقدسة

أيها الإخوة والأخوات في المسيح

أخاطبكم اليوم من الأرض التي سارت عليها قدما المخلّص، من القدس عاصمة السماء حيث بكى يسوع على المدينة، ومن بيت لحم حيث وُلِدَ في مذودٍ متواضع ليكون نورًا للأمم، ومن كل زاوية في هذه الأرض المقدسة التي تشهد اليوم كما شهدت منذ ألفي عام على الألم، ولكن على الرجاء أيضًا.

نحن، مسيحيي الأرض المقدسة، لسنا مجرد أحجار صامتة في كنائس قديمة، نحن الحجارة الحيّة، الذين نحمل إيمان المسيح في قلوبنا ونحفظ وجوده في وطنه. لكن هذا الوجود مهدَّد اليوم كما لم يكن من قبل. الفقر، والهجرة، والحروب، كلها تشكل ضغوطات كبيرة على مجتمعنا، وتحاول أن تسرق منا جذورنا، وأن تُطفئ النور الذي أبقيناه مضيئًا طوال القرون. هل سنسمح بأن تصبح هذه الأرض متحفًا خاليًا من أهلها؟ هل سيرحل المسيحيون عن أرض القيامة، لتصبح ذكرى بلا شهادة حية؟

حراسة الأراضي المقدسة كانت وستظل الدرع الذي يحمي هذا الوجود. لسنا فقط حرّاسًا للأماكن المقدسة، بل نحن حُرّاس للإنسان، من خلال خدَمَة الفقراء، وأن نكون صوت من لا صوت لهم. نحن في القدس، في بيت لحم، في غزة الجريحة، في فلسطين وإسرائيل، وفي الأردن، وفي سوريا، وفي لبنان، وحيثما وُجِد مسيحي يعاني، تكون حراستنا حاضرة.

والآن هو دوركم. إن لمة الجمعة العظيمة التي تُجمَع في كنائسكم ليست صدقة، بل حياة. تصنع فارقا كبيرا في مستقبل هذه المنطقة، فإما أن تبقى مدرسة أو تغلق، أن ترحل عائلة أو تصمد، أن يزهر مستقبل شبابنا أو أن ينطفئ، إن دعمكم ليس معروفًا، بل مسؤولية، لأنه بدونكم، سيختفي المسيحيون من الأرض التي بدأ منها كل شيء.

اليوم، أصرخ إليكم باسم إيماننا المشترك: لا تتركوا الأرض المقدسة وحدها! لا تتركوا إيمان المسيح يتلاشى من موطنه! لا تسمحوا بأن تصبح أماكننا المقدسة أطلالًا بلا حياة! دعمكم هو عهد بينكم وبين هذه الأرض، بينكم وبين الكنيسة الأولى، بينكم وبين المسيح نفسه الذي قال لنا: "أنتم نور العالم". فليكن نوركم سخيًا، وعطاؤكم بلا حدود، وصلواتكم جسرًا يعبر بنا من الألم إلى الرجاء.

حراسة الأراضي المقدسة ستبقى، لكننا بحاجة إليكم لتبقى رسالتها. فكونوا أنتم أيضًا حرّاسًا معنا، بصلواتكم، وبدعمكم، وبمحبتكم. وإن نسي العالم الأرض المقدسة، فليكن المسيحيون حول العالم هم الذين يتذكرونها دائمًا، لأن جذور إيماننا هنا، وإذا جفت هذه الجذور، فلن يكون هناك ثمر.

بارككم الرب، وجعلنا جميعًا شهودًا وأمناء على محبته، وثابتين في الإيمان، وصامدين في الرجاء، وأقوياء بالمحبة.