
روما - اسي مينا - قد لا يعرف كثيرون معلومات كافية عن تاريخ الفن، لكنّ لوحتَي الفنّان الإيطالي ميكيلانجلو ميريزي، الملقّب بكارافاجيو، عن اهتداء القديس بولس تكتسبان شهرة واسعة. فهاتان التحفتان المرسومتان في القرن السابع عشر تسطّران فصلًا من تاريخ الفنّ في الغرب.
أنجز كارافاجيو اللوحة الأولى بعنوان «اهتداء القديس بولس» إلى جانب لوحة «صلب القديس بطرس». وكان ذلك بتكليفٍ من تيبيريو تشيرازي، خبير قانوني وأمين صندوق في عهد البابا كيلمنت الثامن، بغية تعليقهما داخل بازيليك سانتا ماريا ديل بوبولو في مدينة روما.
تعكس لوحة «اهتداء القديس بولس» النصّ كما ورد في سفر أعمال الرسل. وفيها يمكن مشاهدة بولس ساقطًا على الأرض. وبأسلوب عصر الباروك، تُظهِر اللوحة انعكاسات الضوء والظلمة بشكل واضح. فيظهر يسوع في الجزء العلوي بيدَيْن ممدودتَيْن نحو رسول الأمم ويساعده ملاك. أمّا بولس فيبدو رجلًا كبيرًا في السنّ وذا لحية.
ومع أنّ كارافاجيو بذل قصارى جهده في رسم «اهتداء القديس بولس»، لم تُعلَّق اللوحة على جدار الكنيسة. فرَسَمَ الفنّان لوحة ثانية مختلفة تمامًا تمثّل الحدث نفسه إنّما بعنوان «الاهتداء على طريق الشام». وفي العمل الثاني يمكن مشاهدة بولس شابًّا هذه المرّة، وهو واقع على الأرض بعدما أبهره النور الإلهي.
ويزعم مؤرخ معاصر لكارافاجيو يُدعى جيوفاني باجليوني، ضمن بحث تاريخي شائع، أنّ طالب اللوحتَيْن تشيرازي رفضهما وطالب بتعديلهما.
وقالت بولجيسي: «تدور الدراسات الحديثة حول الإشكالية الآتية: هل رُفضت حقًّا النسخة الأولى؟»، لأنّ باجليوني مصدر تاريخي متحيّز. فتشيرازي طلب من الفنّان أنيبالي كارّاتشي رسم انتقال السيّدة العذراء لتُعلّق قرب هاتَيْن اللوحتَيْن، ما يكون قد دفع كارافاجيو إلى إعادة العمل على رسمتَيْه كي تتناسبا مع ضخامة لوحة كارّاتشي.
وربّما رأى كارافاجيو أنّ رسمتَيْه تبدوان قديمتَي الطراز أمام عمل كارّاتشي. ولا يُستَبعَد أيضًا أن يكون تشيرازي، طالِب لوحتَي «اهتداء القديس بولس» و«صلب القديس بطرس»، وافق على هاتَيْن الأخيرتَيْن قبل وفاته.
ويمكن اليوم مشاهدة «اهتداء القديس بولس» في قصر أولديسكالكي بالبي بمدينة روما. أمّا «الاهتداء على طريق الشام» فموجودة في كابيلّا تشيرازي ببازيليك سانتا ماريا ديل بوبولو.