
الفاتيكان- نبض الحياة- استقبل البابا فرنسيس صباح الخميس أعضاء الكوريا الرومانية لتبادل التهاني بحلول عيد الميلاد كما جرت العادة سنوياً، ووجه للحاضرين كلمة قال فيها إنَّ سرّ عيد الميلاد يوقظ قلوبنا على دهشة إعلان غير متوقّع: الله يأتي، الله هنا في وسطنا وقد بدّد نوره ظلمات العالم إلى الأبد. نحن بحاجة لأن نصغي دائمًا لهذا الإعلان ونناله، لاسيما في زمن لا يزال مطبوعًا للأسف بعنف الحرب، ومخاطر تاريخيّة نحن معرّضون لها بسبب تغيّر المناخ، والفقر والآلام والجوع وغيرها من الجراح التي تملأ تاريخنا. من المعزّي أن نكتشف أنه حتى في "أماكن" الألم هذه، كما في جميع فسحات بشريّتنا الهشة، يحضر الله في هذا المهد، المذود الذي اختاره اليوم لكي يولد فيه ويحمل محبة الآب للجميع؛ وهو يقوم بذلك بأسلوب الله: القرب والشفقة والحنان.
تابع البابا فرنسيس يقول أيّها الأعزّاء، نحن بحاجة لأن نصغي إلى بشارة الله الذي يأتي، ونميّز علامات حضوره، ونختار كلمته ونسير خلفه. الإصغاء، التمييز والسير: ثلاثة أفعال لمسيرة الغيمان والخدمة التي نقوم بها هنا في الكوريا الرّومانيّة. وأودّ أن أسلِّمها لكم من خلال بعض شخصيّات الميلاد الرّئيسيّة. أوّلًا مريم العذراء، التي تذكّرنا بالإصغاء. إنَّ فتاة النّاصرة، التي تضمُّ بين ذراعيها ذاك الذي جاء لكي يعانق العالم، هي عذراء الإصغاء التي أصغت إلى بشارة الملاك وفتحت قلبها لمشروع الله. هي تذكّرنا بأنّ الوصيّة الكبرى والأولى هي "اسمَعْ يا إِسْرائيل"، لأنّه قبل أيّ وصيّة، من المهمّ أن ندخل في علاقة مع الله، ونقبل عطيّة محبّته التي تأتي للقائنا. إنَّ الإصغاء في الواقع، هو فعل بيبليّ لا يشير فقط إلى السّماع، بل يتضمن أيضًا مشاركة القلب وبالتالي مشاركة الحياة نفسها. هكذا يبدأ القدّيس بندكتس قانونه الرّهباني: "اسمع جيِّدًا يا بُنَّي". إنَّ الإصغاء بالقلب هو أكثر بكثير من مجرد سماع رسالة أو تبادل معلومات؛ إنّه إصغاء داخليّ قادر على أن يلتقط رغبات واحتياجات الآخر، وعلاقة تدعونا إلى تخطّي الأنماط والتغلب على الأحكام المسبقة التي نصنف فيها أحيانًا حياة من هم حولنا. إنَّ الإصغاء هو على الدوام بداية مسيرة. والرب يطلب من شعبه إصغاء القلب هذا، وعلاقة معه، هو الإله الحيّ.