
أربيل - اسي مينا - بمزيج من القلق والأمل، يراقب السوريّون في مختلف أنحاء العالم مجريات الأحداث في بلدهم من النواحي كافّة، السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة. وقد اطّردت وتيرة متابعتهم التطوّرات نظرًا إلى التحوّلات التي طرأت على الجغرافيا السوريّة، ومدى حساسيّتها منذ سقوط الدولة العثمانيّة.
أمام سيل الأخبار وما يُسبِّبه من شحنٍ للعواطف، يتعقّب السوريّون المسيحيّون في أربيل مشهد وطنٍ يخشون أن تسوده فوضى عارمة بعد عقود من الديكتاتوريّة.
وتفاقِم منصّات التواصل الاجتماعي هواجسهم، إذ تغصّ بأخبار وتعليقاتٍ تدعو إلى إقامة «حُكم الله» وتطبيق الشريعة الإسلاميّة، وإلى إطلاق تسمية «الفتح» على ما شهدته سوريا من أحداث. كما تنتشر مقاطع فيديو تُظهر نوعًا من العنف في التعامل مع أقلّياتٍ من غير المسيحيّين، وهو ما يُثير قلقًا حيال نيّات السلطة الجديدة.
العودة الى سوريا
في جلساتهم، يستقرئ السوريّون المسيحيّون في أربيل مجريات الاحداث، ويميلون إلى خيار الانتظار أو البقاء حيث هُم، إلى حين إعادة توطينهم خارج الجغرافيا العربيّة.
بات الانتظار لغةً يُتقنها السوريون المسيحيون على أمل الهجرة خارج بلدان المشرق، كما يصِف ألبير (39 عامًا). ويقول: «حَزَمتُ حقائبي في العام الماضي وأتيتُ إلى عاصمة إقليم كردستان على أمل الهجرة إلى أستراليا، فالأرض لم تعد تطيق بقائي في سوريا».
وعلى الرغم من رحيل الرئيس السابق بشار الأسد وتبدُّل السلطة في دمشق، يوضح ألبير أنّ «خيار العودة ليس مرتبطًا برحيل نظامٍ أو تبدُّل آخَر، بل بالحالة السوريّة وتعقيداتها السياسيّة التي لم تعد تسمح بالبقاء. أضِف إلى ذلك الفوضى الأمنيّة الراهنة التي لا تتيح لي تربية أطفالي بما يتناسب وقيَمنا المسيحيّة».
حكومة وطنية شاملة
على غرار جميع السوريّين، ينتظر زياد (48 عامًا) تشكيل حكومة وطنيّة تشمل كلّ مكوّنات المجتمع السوري الذي يتوق إلى عمليّة سياسيّة بعيدًا من لغة السلاح والحرب. ويَستند قرار العودة من عدمها إلى ما ستُحقّقه الإدارة الجديدة في دمشق، خصوصًا في ظلّ وعود بتشكيل حكومة جديدة في مارس/آذار، وهو ما يترقّبه الجميع لدرس أدائها ومعرفة ما ستُقدّمه.
يأتي ذلك فيما سَجّلت الحدود السوريّة مع تركيا ولبنان والأردن عودة عشرات آلاف السوريّين المهجّرين من مناطق شماليّ سوريا والمنطقة الوسطى.
ويقول زياد: «إنّ الفوضى الحاصلة هي نتاج غياب مؤسّسات حكوميّة فاعلة». ويُضيف: «لا يمكن الحُكم على الأداء إلى أن يستقرّ القارب الحكوميّ على برّ الأمان»، ووقتئذٍ يمكنه اتّخاذ قراره في شأن العودة هو وزوجته.