تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بعد التفجيرات اللاسلكيّة في لبنان... خشية مسيحيّة من توسُّع الحرب

تفجير

بيروت - آسي مينا - كابوس أمنيّ عاشه لبنان على دفعتَين بالكاد فصلت بينهما 24 ساعة. تفجيرات لاسلكيّة ضربت مناطق عدّة من الجنوب إلى البقاع مرورًا بالشمال وصولًا إلى الضاحية الجنوبيّة لبيروت حيث الضرر الأكبر. هجماتٌ خلّفت الاف الاصابات، وأعادت إلى الواجهة فرضيّة توسّع الحرب في لبنان والمنطقة.

لحظات غريبة وغير مسبوقة شهدها لبنان في أعقاب هجمات لاسلكيّة يومَي الثلاثاء والأربعاء استهدفت أجهزة النداء (pagers)  والأجهزة المستقبلة - المرسلة (walkie-talkies) التي يستخدمها إداريون وعناصر في حزب الله.

دقائق معدودة كانت كفيلة بتحويل بيروت إلى ساحةٍ تعجّ بسيارات الإسعاف وبعناصر الجيش والقوى الأمنية. فتحت مستشفيات العاصمة وضواحيها أبوابها أمام المصابين من دون أن تبلغ طاقتها الاستيعابيّة القصوى. وفيما كان المشهد صاخبًا يوم الثلاثاء، بدت التفجيرات يوم الأربعاء أقلّ حدّةً ولكن أشمل على مستوى توزّعها الجغرافيّ ونوعيّة الأجهزة الإلكترونيّة المستهدفة.

ومع تواتُر أخبار عن إهماد حرائق داخل منازل وسيارات ومحال تجاريّة، ساد الخوف مختلف مناطق لبنان ولا سيّما المسيحيّة التي بقيت في معظمها بمنأى جزئيّ عن موجتَي التفجير باستثناء عددٍ قليل منها مختلطة طائفيًّا (مسيحيًّا وشيعيًّا).

 مواطنين كثيرين في تلك البلدات المختلطة (تحديدًا في الجنوب) -خصوصًا العائلات المسيحيّة الصامدة وسط الحرب والدمار- فضّلوا تعطيل أجهزة إلكترونيّة في بيوتهم من وحدات عدم انقطاع التغذية (UPS) إلى بطاريات الطاقة الشمسيّة. وأكثر ما دفع هؤلاء إلى هذه الخطوة الاحترازيّة تناقُل أخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن انفجار بطّاريات ألواح الطاقة الشمسيّة (ليثيوم) وهواتف خلوية ومزوّدات الطاقة في مناطق لبنانيّة متفرّقة. 

أمام هذا التصعيد، تفاقمت هواجس اللبنانيين عمومًا والمسيحيين خصوصًا من توسّع رقعة الحرب لتشمل البلاد برمّتها. وتعليقًا على التفجيرات، أشارت أمانة سر البطريركية المارونية في بيان إلى أنّ «البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي يعبّر عن ألمه بسبب هذه الكارثة ويدين هذا الاعتداء باستعمال وسائل الاتّصال للقتل من دون تمييز. كما يدين جميع أشكال الاعتداء على الشعبَين اللبنانيّ والفلسطينيّ لا سيّما العزّل منهم».

وأضاف البيان عن الراعي: «يسأل الله عزّ وجلّ أن يرحم الذين فقدوا حياتهم، ويعزّي ذويهم والمصابين بفقدهم، ويمنّ على الجرحى بالشفاء، وأن يهب منطقتنا والعالم السلام الشامل والعادل».

يكمن بيت القصيد في الجملة الأخيرة الواردة في بيان رأس الكنيسة المارونية. فبعدما أسعفت بيروت وسائر المناطق جرحاها، يعود الحديث عن «الردّ العسكريّ» إلى الواجهة في ظلّ اشتعال النفوس على جبهتَي حزب الله وإسرائيل.

اشتعال يزرع قلقًا غير مسبوق منذ قرابة سنة في نفوس مسيحيي البلاد، كنيسةً وقادةً وشعبًا، من تكرار تجربة حربٍ يرفضونها رفضا قاطعا. وهو ما تجسّد بوضوح في بيان الراعي المعزّي ولكن الملمِح في الوقت نفسه إلى ضرورة اجتناب حربٍ موسّعة. موقف تتبناه الغالبية الساحقة من المسيحيّين والكتل البرلمانية التي تمثّلهم.

يُذكر أنّ في أعقاب التفجيرات، برز تحليلان في الداخل اللبناني وحول العالم يرجّح أولهما فرضيّة تفخيخ إسرائيل الدفعة الأخيرة من الأجهزة اللاسلكيّة قبل استيرادها؛ فيما يميل الثاني إلى فرضية التفجير مِن بُعد عبر اختراق الإحداثيّات/الموجات وإحماء البطاريات.