تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الكاردينال بارولين يختتم زيارته إلى المملكة: للأردن دور بارز الأهميّة في المنطقة

ابونا

أبونا - اختتم الكاردينال بييترو بارولين، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، اليوم الثلاثاء، زيارته إلى المملكة الاردنية الهاشمية، بصفته مبعوثًا لقداسة البابا فرنسيس، ترأس فيها قداسًا حاشدًا لتدشين كنيسة معموديّة السيّد المسيح، والتابعة للبطريركيّة اللاتينيّة، بالتزامن مع اليوبيل الفضي لحجّ الكنائس الكاثوليكيّة الوطنيّ إلى موقع المغطس.

والتقى جلالة الملك عبدالله الثاني نيافة الكاردينال في قصر الحسينيّة، وتطرق اللقاء، بحضور سمو الأمير غازي بن محمد، كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية، إلى العلاقات المتينة التي تجمع الأردن والفاتيكان، وتمّ التأكيد على ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتعزيز الاستجابة الإنسانيّة، إذ ثمن جلالته موقف قداسة البابا الداعم لإنهاء معاناة أهالي قطاع غزة. وحذّر جلالته من خطورة استمرار الاعتداءات الإسرائيليّة على المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس.

كما استقبل دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، نيافة الكاردينال، في رئاسة الوزراء، حيث جرى بحث العلاقات المتميزة التي تجمع الأردن والفاتيكان وسبل تعزيزها. وتمّ التطرق إلى الأوضاع الراهنة في المنطقة، وأهميّة تحقيق السلام والاستقرار وإلى ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية على غزة. كما تمّ التطرق، بحضور وزيرة السياحة والآثار لينا عناب، إلى التحضيرات لإقامة المعرض الأردني في حاضرة الفاتيكان، والذي سيستمر طوال شهر شباط المقبل، تحت شعار "الأردن فجر المسيحيّة".

وقد أصدر المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، صباح اليوم، ملخصًا لأنشطة وزيارات كبير دبلوماسيي حاضرة الفاتيكان حيث اشتملت على عدد من الفعاليات لمختلف القطاعات الرعويّة والكنسيّة والإنسانيّة والسياحيّة والمجتمعيّة، ونقل خلالها نيافته تحيّات قداسة البابا فرنسيس، مشيدًا بالنموذج الأردني المميّز للعيش المشترك، وعلى دعم الأردن المتواصل، بقيادة جلالة الملك، للحضور المسيحيّ في المملكة، ومؤكدًا أنّ الأردن يتوّلى دورًا بارز الأهميّة في هذه المنطقة.

وقال المركز الكاثوليكي، أنه في أوّل يوم كان الحدث الكبير بتدشين كنيسة موقع المعموديّة، في المغطس، بحضور مندوب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، سمو الأمير غازي بن محمد، رئيس مجلس أمناء المغطس، وكبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الثقافية والدينية، والكاردينال بييرباتيتسا بيتسابالا، بطريرك القدس، ومئات الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات وأكثر من ستة آالاف حاج وحاجة جاؤوا من مختلف أنحاء الأردن، ومن دول شقثيقة صديقة. كما حضرت التدشين معالي وزير السياحة والآثار السيدة لينا عناب، وعدد من النواب والأعيان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية لدولة هنجاريا السيد تريتسان ازبيج، كون دولته قد أسهمت ببعض التمويل للكنيسة إلى جانب المتبرّع الرئيسي العين الأسبق نديم المعشر وعائلته.

وبحسب المركز الكاثوليكي، التقى الكاردينال بارولين ممثلي الكنائس الكاثوليكيّة في المملكة، العاملين والعاملات في كنائس وجمعيات رهبانيّة ومدارس وجامعات ومستشفيات وجمعيات خيريّة، وبحضور الكاردينال بيتسابالا، أعرب ضيف الأردن فيه عن شكره للخدمات العظيمة التي تقدمها المدارس والمسشتفيات سواء للمسيحيين في المملكة، أو للمجتمع الأردني كلّه، وعن امتنانه للمساهمة التي يقدّمها الإكليروس الأردنيّ لخدمة الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم.

وجرى خلال اللقاء حوار صريح مع الأساقفة والكهنة والشمامسة والراهبات والرهبان تمحوّر حول الحوار الدينيّ وتعزيز التلاقي بين المسلمين والمسيحيين في الأردن والعالم، والموقف الثابت للكرسي الرسوليّ من أجل السلام، وإمكانيّة توحيد الاحتفال بعيد الفصح، وكيفية دعم السياحة الدينيّة إلى الأردن من قبل الكرسي الرسولي. كما التقى نيافته ممثلين عن الكنائس الشقيقة، من روم أرثوذكس وسريان أرثوذكس وأرمن أرثوذكس وإنجيلية أسقفيّة ولوثريّة.

وفي علامة على اهتمام الفاتيكان الكبير ودعمه المستمرّ للمشاريع الإنسانيّة، قام الكاردينال بارولين بزيارة إلى كاريتاس الأردن، واستقبله المدير العام وائل سليمان ومسؤول الكاريتاس الشرق أوسطي كرم أبي يزبك تمّ فيها استعراض الجهود التي تبذلها الجمعيّة الكاثوليكيّة الخيريّة في تقديم الدعم لمختلف الفئات المستحقة من لاجئين ومحتاجين في المملكة، والمساعدات الإنسانيّة التي قدّمتها هيئة الإغاثة الكاثوليكيّة مؤخرًا لقطاع غزة، بحضور رئيسها اليسا قريطم بالتعاون مع كاريتاس الأردن والهيئة الخيريّة الأردنيّة الهاشميّة.

واشتملت جولة المسؤول الفاتيكاني الرفيع في المملكة على زيارة بعض الأماكن الدينيّة في مدينة مادبا، حيث زار نيافته كنيسة القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس، وكنيسة ومزار قطع رأس يوحنا المعمدان للاتين، حيث استقبله كاهن الرعيّة الأب طارق أبو حنا، وزار مزار النبي موسى على جبل نيبو حيث التقى بحارس الأراضي المقدّسة الأب فرانشيسكو باتون. كما زار نيافته كنيسة انتقال السيّدة في مدينة السلط، وهي أولى كنيسة تُشيدها البطريركيّة اللاتينيّة في الأردن، وعلى زيارة إلى متحف السلط التاريخيّ (بيت أبو جابر)، حيث اطلع نيافته على تاريخ المدينة وثقافتها وفلكلورها والحياة اليوميّة فيها. وحضر اللقاء في السلط محافظ البلقاء سلمان النجادا ورئيس بلدية السلط محمد الحياري وكاهن رعيّة اللاتين في السلط الأب طارق حجازين.

وأضاف المركز الكاثوليكي بأنّ الكاردينال بارولين قد ترأس اجتماعًا في دير الزيارة التابع لراهبات الورديّة، مع السفراء البابويين المعتمدين لدى 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينهم سفير الفاتيكان لدى المملكة جيوفاني دال توسو، حيث تمّ "مناقشة الأزمات المستمرّة في المنطقة، والوضع السياسي والكنسيّ في كل بلد، وعلامات الأمل في بعض المناطق، والظروف الإنسانيّة القاسيّة التي تؤثر على السكان الأكثر تضرّرًا من الصراعات".

وأعرب الدبلوماسيين الفاتيكانيون في بيانهم الختاميّ عن رجائهم "بوقف قريب لإطلاق النار على جميع الجبهات، وأن يصبح الشرق الأوسط أرضًا للسلام، حيث يظلّ المسيحيون عنصرًا أساسيًّا للتعايش الأخوي بين الأديان ولتقدّم بلدانهم".

وفي مقابلة صحفيّة لموقع أبونا الإلكتروني، أجراها مدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر، قبل إنطلاق الضيف إلى مطار الملكة علياء الدوليّ، أعرب نيافة الكاردينال عن سعادته لما وصفها "الخبرة العظيمة" التي عاشها على مدار الأيام الماضية في الأردن، وشملت احتفالات واجتماعات ولقاءات، مشيدًا باللقاء الذي جمعه مع صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني، ومع دولة رئيس الوزراء جعفر حسان، ومعربًا عن شكره للأردن ملكًا وحكومة وشعبًا على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة والترحاب.

ووجّه نيافته كلمة شكر لوسائل الإعلام التي عملت على تغطية تدشين كنيسة المعموديّة وفعاليات زيارته، مشجعًا إياها لكي تكون مصدرًا للتنشئة، بالإضافة إلى كونها مصدرًا للمعلومة، وكذلك تشجيعًا على السياحة الدينيّة إلى الأردن المقدّس كما وصفه.

وأشار إلى أنّ حدث تدشين كنيسة المعموديّة في المغطس هو حدث تاريخيّ للكنيسة كونها تُقام على أرض شهدت لحظة مهمّة في تاريخ السيّد المسيح، كما يُعدّ رسالة مهمّة تبيّن دور الأردن الهام في هذه المنطقة، وتبرزه كبلد آمن ومستقرّ في المنطقة، حيث يعيش كلّ مكوّناته في سلام ووئام، ويسهر المسؤولون فيه على تعزيز قيم التفاهم والاحترام بين جميع المواطنين.