تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأب يوسف بتريلا يشرح أثر فرنسيس الأسّيزي في حياة القدّيسة كلارا

اسي مينا

زحلة - د. آمال شعيا - آسي مينا - الأب يوسف بتريلا، راهب فرنسيسكانيّ رومانيّ الأصل، يقيم في دير مار فرنسيس التابع لرهبنة مار فرنسيس للعلمانيّين، في أعالي عين الغصين-زحلة، لبنان. يطلّ اليوم عبر «آسي مينا» ليُخبرنا عن دور القدّيس فرنسيس وعمله وأثره في حياة القدّيسة كلارا.

يقول بتريلا: «قبل أن نتعرّف إلى دور مار فرنسيس ومدى تأثيره في حياة القدّيسة كلارا، نرجع بالتاريخ إلى الزمن الذي عاشا فيه، كي نكتشف كيف كان الناس يعيشون في مدينة أسيزي، فنلحظ أنّ المجتمع آنذاك كان ينقسم إلى ثلاث طبقات: الأولى هي الطبقة المُصلّية من أساقفة وكهنة وشمامسة؛ والثانية طبقة النبلاء والأثرياء الذين كانوا يخوضون الحروب بين مدينة وأخرى، وإلى هذه الطبقة كان ينتمي فرنسيس، وكذلك كلارا؛ والثالثة طبقة الفقراء الذين يعملون في الأرض».

يتابع بتريلا: «ولِدَ فرنسيس نحو العام 1181. خاض الحرب وكان فارسًا جريئًا، وراح ينفق المال على الفقراء، فأخذ والده يوبّخه على سلوكه، معتبرًا أنّه يفرّط بأمواله. عندئذٍ، حصل مع كلارا، التي ولِدَتْ عام 1194، أمر قويّ؛ إذ شاهدت فرنسيس في ساحة أسيزي، وهو يخلع ثيابه أمام الأسقف ووالده والناس، معلنًا تخلّيه عن حقوقه البنويّة وتكريس ذاته بكلّيتها للآب السماويّ».

ويردف: «ومن ثمّ تَبِعَتْ كلارا القدّيس فرنسيس الذي قال الناس عنه إنّه مجنون، فرأته وهو يُقبّل مرضى البرص ويخدمهم. وأبصرت أيضًا ثيابه ورفاقه وطريقة عيشه وسمعت عظاته... هذه الأمور كلّها أثّرت فيها، وجعلتها ترغب في العيش على مثاله».

ويخبِر بتريلا: «لمّا بلغت كلارا الثامنة عشرة من عمرها، وفي ليلة عيد الشعانين عام 1212، تركت منزل والدها وتوجّهت إلى كنيسة صغيرة في بورتيونكولا لمقابلة فرنسيس ليساعدها، وهناك قدّمت نذورها الرهبانيّة، وقصّت شعرها وارتدت ثيابًا رثّة وطَرحَةً للرأس».

ويُضيف: «هكذا، سارت كلارا على مثال القدّيس فرنسيس وبدأت مشوارها. وما لبثت أن تبعتها شقيقتها كاترينا التي عُرفت بعد ذلك بالقدّيسة أغنيس، كما عدد من العذارى. ثمّ تأسَّست "رهبانيّة السيّدات الفقيرات" المعروفة بالكلاريس، بمساعدة القدّيس فرنسيس. فكانت كلارا رئيستهنّ، مؤكدةً لهنّ أهمّية التمسّك بالإنجيل. وتشدّدت في حفظ القوانين التي وضعها لهنّ القدّيس فرنسيس الذي كان يشرف عليهنّ ويرشدهنّ بكلامه. وثبّت البابا إينوشنسيوس الثالث رهبانيّتها عام 1212. ورقدت بسلام عام 1253، وبعد سنتين من وفاتها، رُفعت قدّيسة على مذابح الربّ».

ماذا تعلّمنا القدّيسة كلارا؟

يؤكّد بتريلا: «هناك أمور عدّة نتعلّمها من القدّيسة كلارا. أوّلًا، عيش الصمت والهدوء، رغم ضجيج العالم، وذلك كي نسمع صوت الربّ في الأعماق ونفهم مشيئته، حتّى نبلغ سرّ حياتنا ونأخذ القرار الأفضل، على مثال كلارا. ومن ثمّ، علينا أن نختار يسوع ونسير خلفه، فنعيش التخلّي والتجرّد والفقر والخدمة، كما فعلت كلارا. وبعدها، يجب أن نجسّد فعل محبّة الآخر مثل كلارا بالخفاء ومن دون أن يعلم أحد بما صنعنا. وأخيرًا، تعلّمنا كلارا محبّة يسوع من خلال محبّة الناس بالقول والفعل».