Skip to main content

عيد الثالوث الأقدس

المطران كوسا

الطيبة- نبض الحياة: كتب المطران كريكوركوسا عن الثالث الأقدس: 

"فاذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم ، وعَمِّدوهم باسمِ الآب والابنِ والرُّوحِ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أوصَيتُكُم بِهِ، وهاءَنذا معَكم طَوالَ الأيامِ إلى نِهايةِ العالَم" (متى ٢٨: ١٩-٢٠).

 

نحتفل اليوم بعيد الثالوث الأقدس. وهي عقيدة الإله الواحد المثلّث الأقانيم، الآب والإبن والروح القدس، الذي باسمه تقوم الكنيسة برسالتها الخلاصيّة الموكولة إليها بسلطان إلهي من المسيح الربّ نفسَه الذي  منحها للرسل قبل صعوده إلى السماء.

 

تؤدّي الكنيسة المقدسة رسالتها بمهام ثلاث هي التعليم والتقديس والتدبير، كما يحدّدها الإنجيل المُقدّس. وتقوم بها باسم المسيح وبشخصه، كما أكّدَ للرسل: "وهاءَنذا معكم طَوالَ الأيامِ  إلى نهايةِ العالَم" (متى ٢٨: ٢٠ ).

 

مهمّة التعليم: إنّ مهمّة التعليم الموكولة إلى رعاة الكنيسة تشمل جميع الناس، لأنّها تُعلّم  بشخص الله، الآب والإبن والروح القدس، وتنقل كلامه، كلام الحياة لكلّ البشر: "فاذهبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم" (متى ٢٨: ١٩). تهدف مهمّة التعليم إلى أن يبلغ "جميعُ النَّاسِ إلى مَعرِفَةِ الحقّ" (طيموتاوس الأولى ٢: ٤). أما الحقائق التي يتضمّنها التعليم فهي التي نتلوها في قانون الإيمان. الكنيسة تعلّم بواسطة رُعاتها، لكن المعلّم الحقيقي الناطق بلسانهم هو المسيح الربّ الذي قال: "أمّاً أنتُم فلا تَدَعوا أحداً يَدْعُوكم "رابي"، لأن لكم مُعَلِّماً واحِداً وَأَنتُم جَميعاً إخوة. ولا تَدْعوا أحداً أباً لكم في الأَرْضِ، لأنَّ لكم أباً واحِداً هو الآبُ السَّماويّ. ولا تدعوا أحداً يدعوكم مُرشِداً، لإنَّ لكم مُرشِداً واحِداً وهو المسيح" (متى ٢٣: ٨-١٠).

 

مهمّة التقديس: إن مهمّة التقديس تقوم على توزيع نعمة الأسرار التي تشفي النفس من الخطايا وتملأها حياة إلهيّة وتقدّسها. إنّ أسرار الخلاص السبعة تبدأ بالمعمودية : " وعَمِّدوهم باسم الأب والإبن والروح القدس " (متى ٢٨ : ١٩ ). عندما يمارس الكاهن هذه الأسرار، هو المسيح، الكاهن الأزليّ، الذي يمنح نعمة السرّ الخلاصي لكلّ مؤمن ومؤمنة بحلول الروح القدس عليه .

 

مهمّة التدبير: إنّ مهمة التدبير تهدف إلى بناء جماعة المؤمنين برباط المحبة والوحدة: "عَلِّموهم أن يحفَظوا كُلَّ ما أوصَيتُكُم بِه" (متى ٢٨: ٢٠). لقد ترك المسيح الربّ وصيَّتَين تختصران كلّ جوهر المسيحيّة ورسالتها. أوصى أوّلاً بالمحبّة: "أُعْطيكم وصيّةً جَديدَة: أحبوّا بَعضُكم بعضاً، كما أنا أحببتُكم" (يوحنا ١٣: ٣٤ ). وأوصى ثانياً بالوحدة، من خلال صلاته الكهنوتيّة، ورفعها صلاةً من القلب إلى الآب: "يا أبتِ، ليكونوا بأجمَعِم واحداً، كما أنَّكَ فيَّ، وأنا فيك، فليكونوا هم أيضاً واحداً فينا" (يوحنا ١٧: ٢١).

 

إنّ لهاتَين الوصيَّتين بُعداً رسوليّاً ترتبط به مصداقيّة يسوع المسيح ورسالة الكنيسة. فبالنسبة إلى وصيّة المحبّة، يجب علينا نحنُ المسيحيين أن نعيشها كعلامةٍ لنجاح التتلمُذ للمسيح يسوع: "إذا أحبَّ بَعضُكُم بَعضاً عرف النَّاسُ جَميعاً أَنَّكُم تلاميذي" (يوحنا ١٣: ٣٥). وبالنّسبة لوصيّة الوحدة، علينا أن نعيشها بوحدة القلب والرأي، وبذلك نحمل العالم على الايمان بأنّ المسيح هو مبدأُ الوحدة، وبأنّ محبةَ الله تسكن في قلوب الناس أجمعين ، وانّها ثقافةُ حياتهم وحضارتهم.