Skip to main content

ما هي أقسام القداس الإلهي؟

بشار فواضلة

الطيبة- نبض الحياة: كتب الأب بشار فواضلة عن أقسام القداس الالهي:

القداس

 قسمان أساسيان يقوم عليهما القداس الإلهي، ونسميهما مائدتان لأنه من خلالهما يقدم لنا الله الطعام الروحي الذي يغذي كل إنسان مؤمن، ويقويه في سيره نحو الله والسعي للقائه في الأبدية. 

المائدة الأولى هي مائدة الكلمة، التي فيها نستمع لكلمة الله سواءً من العهد القديم أو من العهد الجديد، ومن ثم للعظة التي يلقيها الكاهن، والتي تحمل تفسير لهذه الكلمة، ونصائح وإرشادات للشعب المؤمن حول كيفية عيش هذه الكلمة ومعناها في حياتهم اليومية، وهناك الطلبات كذلك، وهي صلوات نرفعها إلى الله وفيها تضع الكنيسة نيات الشعب المؤمن والعالم بأسره. 


والمائدة الثانية هي مائدة الإفخارستيا والتي فيها تتم الذبيحة الإفخارستيا (ذبيحة الشكر)، وتبدأ مع تقدمة القرابين وهي الخبز من القمح الصافي، وخمر عنب صافي دون أي إضافات، وهذا ما حدث بالضبط مع يسوع إذ أنه أخذ خبزاً وخمراً في العشاء الأخير. 

ومن ثم هناك صلاة الشكر، وهنا نصلي لقمة الاحتفال وينبوعه، وفيها يتم استدعاء الروح القدس ليقدس ويحول الخبز والخمر إلى جسد الرب ودمه، تجسيدا لكلمات وفعل السيد المسيح. 

ويتبع ذلك صلوات من أجل الكنيسة ورؤسائها وأبنائها وموتاها، وصلوات الاستشفاع إلى العذراء والقديسين. 

وبعد صلاة الشكر تبدأ الصلاة الربية لتأتي بعدها المناولة المقدسة، التي لها شروطها، فمن يتقدم للمناولة يجب أن يكون على استحقاق لتناول جسد الرب ودمه. لذلك وجب علينا أن نكون دون خطيئة.
 

طقوس الافتتاح: نشيد الدخول، إشارة الصليب، فعل التوبة، المجد لله في العلى، صلاة الجماعة.
ليتورجية الكلمة: القراءة الأولى، المزمور، القراءة الثانية، الإنجيل المقدس، الموعظة، نؤمن، طلبات المؤمنين.
ليتورجية القرابين: التقادم، بركة الخبز والخمر، التبخير، الغسيل، صلاة القرابين.
الصلاة الإفخارستيا: المقدمة + قدوس، حلول الروح القدس + كلمات التقديس، التضرعات، فبالمسيح.
طقوس التناول: أبانا الذي، تبادل السلام، يا حمل الله، التناول، تنظيف الأواني المقدسة، صلاة بعد التناول.
طقوس الختام: البركة، اذهبوا بسلام المسيح، نشيد الختام، الخروج.
 

القداس وحياتي كمسيحي مؤمن:
القداس الإلهي ليس مسرحية أو عرض يتم أمامنا، القداس ليس سحر أو كلام يحمل ألغاز غريبة، القداس ليس مجرد واجب أسبوعي يتوجب علي إنهاؤه وبالتالي يصبح ضميري مرتاح، وأفعل ما يحلو لي، القداس ليس مناسبة ومكان لالتقاء الأصحاب والأحباء، قطعا لا.. القداس هو مركز حياتك كمسيحي، لذلك واجب علينا أن نحضر أنفسنا للمشاركة الفعلية في القداس. 
الذبيحة الافخارستية: غذاء روحي لكل مؤمن وهي تجسد الله اليومي في وسطنا، هي بمثابة يد الله، التي ترفع الإنسان إلى عليائه.
يجب أن يكون للقداس تأثير في حياتي، ليس مجرد حدث عابر، القداس هو ذكرى فدائي وخلاصي، ويجب أن يغير في أنفسنا الكثير، ويجعل من كل فرد إنسانا صالحا، لأنه يوجه أنظاري نحو الأبدية ونحو الله. 
في القداس الإلهي أنا ألتقي في المسيح من خلال كلمته وجسده ودمه، وهذا اللقاء يجب أن يؤثر فينا، ويدخل في أعماقنا ولا يبقى فقط على السطح، دخول المسيح يجب أن يكون دخول عاصف، يقلب ويزيل غبار وأوساخ حياتينا، ويكشف لنا حقيقتنا الأولى التي شوهتها الخطيئة، وبالتالي القداس الإلهي يعيد لنا صورتنا الأولى أننا فعلا على صورة الله ومثاله.

يجب أن نكون حذرين ألا يكون تأثير القداس مجرد تأثير آني/وقتي، ينتهي مفعوله بانتهاء القداس، ولكن تأثير القداس يجب أن يكون طويل الأمد لا ينتهي مع قدوم القداس الآخر بل يتجدد ليستمر. 
يجب أن ننتبه من القداسة الآنية أو المكانية، بمعنى أن هذا الزمان وهذا المكان يقدساني فقط، بل يجب أن تنتقل قداسة الزمان والمكان إلى كل مكان وزمان في حياتنا، القداس يجب أن يقدس كل لحظة وكل حيز في حياتنا. القداس يجب أن يوحدنا مع الله أولاً الذي أتينا أصلا كي نلتقي معه، ومن ثم يوحدنا مع الآخرين لأننا أتينا لذات الهدف، وكلنا أخوة أبناء أب واحد هو الله، ويوحدني كذلك مع نفسي، في القداس أتعرف أكثر على ذاتي، لأنني أتعرف على الله، الذي يكشف لي حقيقة ذاتي، لأنه نور والنور يبدد الظلمة التي تغلف جوانب كثيرة من حياتي.
 

كيف أشارك في القداس بصورة فعلية؟
مشاركتي في القداس لا يجب أن تكون مشاركة خارجية، بل بكل كياني.. جسدي وذهني وروحي وكل كياني تصبح وحدة صلاة واحدة، أصغي بأذني وأرى بعيني وأتكلم بلساني وأركع برجلي وأرفع يدي عند الأبانا وأمدهما للسلام على الآخرين.

أركز ذهني مع الكاهن ومع ما يحدث ويتلى على مسمعي، لا أتشتت وأسرح بأفكاري، روحي تصبو إلى المناولة المقدسة وأشكر الله بخشوع وتقوى على سر النعمة الذي سكن في داخلنا جميعا، أطلب منه النعمة ليقويني في حمل الرسالة التي سمعتها في القداس للآخرين وفي عيشها في حياتي اليومية.

من الضروري أن تشارك في القداس، فيه أنت تلتقي مع يسوع، ولا يكفي أن تقول: أصلي في البيت أو في غرفتي. هذا حسن، ولكن لله بيت هو الكنيسة وكلنا مدعوون للصلاة فيه معمدين وأبناء لرب هذا البيت.
 المحب يبادر في لقاء المحبوب والسعي إليه، ويسوع هو المحبوب الأول لأنه غاية كل إنسان وخلاصه، فعلينا أن نبادر نحوه ونسرع إليه.

الإفخارستيا شيء صعب الإيمان به، فنحن لا نرى يسوع كما هو، ولا نرى سوى خبز وخمر، وهنا تكمن قمة الإيمان، لأن الخبز والخمر الذين أمامنا هما فعلا وحقا جسد ودم يسوع المسيح، لذلك فإن فعل الإفخارستيا هو فعل إيمان.

 يكفي فقط أن نصرخ صرخة توما عندما شك في قيامة المسيح "ربي وإلهي" كفعل إيمان على شيء عسير وصعب بالنسبة إلي، الفعل الذي يقوم به الكاهن كل يوم على الهيكل، هو أعظم معجزة تتم في البشرية، فقطعة صغيرة من الخبز، ورشفة قليلة من الخمر هي الله. أي معجزة أعظم من هذه؟ ولكنها بحاجة إلى فعل إيمان عظيم، كل مرة تتناولون فيها أطلبوا من الله أن يزيد أيمانكم بهذا السر العظيم، ذكرى سر المسيح الفصحي. 

القداس هو دعوة، الله يدعوك للمشاركة في ذبيحة القداس، جماعة المؤمنين مدعوة للمشاركة في عشاء المسيح السري الذي يحصل خلال القداس، لأن الله يدعوك للجلوس معه إلى المائدة الروحية والمشاركة في هذه الوليمة السماوية، هذه وليمة من نوع آخر، فيها نأكل من وجبتين رئيسيتين، من وجبة اسمها كلمة الرب، وأخرى هي جسد الرب ودمه المقدسيين، في داخل الكنيسة، والكنيسة كلمة يونانية معناها جماعة المؤمنين.

القداس ليس تذكارا، وإنما ذكرى حضور حقيقي، يسوع المسيح حاضر فعلاً في هذه اللحظات بجسده ودمه، في الخبز والخمر.