Aller au contenu principal

هل نملك جرأة المبادرة وتحدّي العوائق لنلتقي يسوع؟

اسي مينا

لا يَقتَصِر الإيمان الحقيقيّ على مجرّد التصديق، بل يتطلّب استعدادًا للتضحية والخروج من منطقة الراحة بحثًا عن النور والخلاص. ربّما يحتاج إلى شيءٍ من الجرأة والتلهّف إلى لقاء الربّ، والاقتداء بنموذج المؤمن المُبادِر الذي يمتلك شجاعة البحث عن التغيير، رغم الصعوبات والعوائق.

استعان الأب أنطوان زيتونة، الكاهن في أبرشيّة الموصل وعقرة الكلدانيّة، بحَدَث أعجوبة شفاء برطيماوس الأعمى الواردة في إنجيل مرقس (مر10: 46-52)، ليوضح أهمّيّة أن يتحلّى كلّ مؤمن بشجاعةٍ كافية تمنعه من الاستسلام لضعفه أو لضغوط المجتمع.

قوّة أمام التحدّيات

وبيَّنَ أنّ جرأة برطيماوس، ومعنى اسمه «ابن المُكَرَّم»، دفعته إلى الصراخ بإلحاحٍ، طالبًا الرحمة من «ابن داود» رغم محاولات الجمع إسكات صوته. وتابع: «هنا يظهر الإيمان الحيّ الذي لا يُقهر: فالإيمان يزداد قوة كلّما واجه رفضًا أو تحدّيات».

«بدأ مرقس الإنجيليّ روايته للمعجزة بوصف حالة برطيماوس، فهو مسكينٌ أعمى غير قادر على الحركة، جالس على جانب الطريق، قاصدًا أنّه خارج عن المسيرة، وكأنّه يصف حال أيّ إنسان معزول عن الشركة الكنسيّة وفاقد نور الإيمان. لكنّه الشخص الوحيد الذي ذكره مرقس بالاسم، ليؤكّد واقعيّته التاريخيّة وفي الوقت نفسه رمزيَّته لكلّ واحدٍ منّا»، بحسب زيتونة.

عين الإيمان ترى

وشرح أنّ الإنجيليّ يُقدّم لنا برطيماوس نموذجًا للإنسان المحدود اجتماعيًّا وجسديًّا، لا سيّما إزاء العمى الذي يمكن أن يُفسَّر على أنّه علامة خطيئة ولعنة إلهيّة. لكنّه لم يكن لدى مرقس مُجَرَّد حالة جسديّة أو سبب فقرٍ يدفع إلى الاستعطاء، بل رمزًا إلى الخطيئة التي تجعل الإنسان يعيش في الهامش، بعيدًا عن طريق الخلاص.

عندما سمع الأعمى بمرور يسوع الناصريّ، استطاع أن يراه بعين الإيمان. وحين دعاه الربّ، وَثَبَ مُسرعًا إلى لقائه، مُلقيًا رداءه، رغم أنّه كان ثروَتَه الوحيدة، «وهي دعوةٌ لنا لنُلقي عنّا ما نتمسّك به من متاعٍ أرضيّ، في إشارةٍ رمزيّة إلى التجرّد من كلّ ما يُقيّد مسيرتنا نحو المسيح، وخلع الإنسان العتيق. فاللقاء بيسوع يقتضي جرأة التجرّد والوثب نحو النور».

وختم زيتونة مؤكّدًا أنّ برطيماوس المستعطي استطاع أن يتحوّل إلى مثالٍ للتلميذ الحقيقيّ، فانتقل من عمى الجلوس على قارعة الطريق إلى نور الاتّحاد بالمسيح والسير معه. لذا، ترى فيه الكنيسة رمزًا لكلّ مؤمن لا ينقطع عن الصراخ في صلاته: «يا ابن داود ارحمني»، متحدِّيًا الأصوات المخيّبة كلّها، ليكتشف أنّ المسيح يسمعه ويستجيب له ويُناديه بالاسم، ليجعله عضوًا حيًّا وفاعلًا في مسيرة الخلاص.

المصدر: آسي مينا / جورجينا حبابه