Aller au contenu principal

ما هي ظاهرة عدم فساد أجساد القدّيسين؟

القديسة

بيروت - اسي مينا - عام 1950، فُتِحَ ضريح مار شربل مخلوف في دير مار مارون ببلدة عنّايا اللبنانية للكشف على الجثمان. فذُهل المؤمنون بأنّ جسد القديس الذي توفّي عام 1898 سليم لم ينل منه الفساد. 

وقبل نقله إلى قبرٍ جديد، رَشَح جثمان الراهب المبارك دمًا ممزوجًا بالماء وكانت قد انقضت 52 سنة على وفاته. وفُتِحَ القبر من جديد في الأعوام 1952 و1955 و1965، وكان الجثمان لا يزال غير متحلّل ينضح دمًا وماءً بعد عقود طويلة من انتقال طبيب السماء إلى الحياة الأبدية. 

 

لكنّ سيرة عدم تحلّل جثمان مار شربل ليست الوحيدة بين القديسين. فإن زرت اليوم بلدة كاشيا الإيطالية شاهدت جثمان شفيعة الأمور المستحيلة، وراء الزجاج الذي يحتضنه. وهو لم يفسد كلّيًا بعد مرور 567 سنة على وفاتها عام 1457.

وإن حجَجتَ إلى قرية كفيفان اللبنانيّة راغبًا في الدعاء أمام ضريحَي القديس نعمة الله الحرديني والطوباوي إسطفان نعمة، فوجئتَ بأنّ جثمان الطوباوي ظاهر في صندوق زجاجيّ ولم يقضِ الفساد عليه مع أنّ 86 سنة مضت على وفاته عام 1938. وإن واصلتَ بحثك في مزارات القديسين وتاريخ الكنيسة، وجدت قصصًا كثيرة مشابهة منها عدم فساد جثمان القديسة برناديت سوبيرو التي ظهرت عليها العذراء مريم سيّدة الحبل بلا دنس في بلدة لورد الفرنسيّة وغيرها.

 

ما هذه الظاهرة العجائبيّة؟

لا تعطي الكنيسة تعريفًا محدّدًا للحالة التي يجب أن يكون فيها جثمان الشخص القديس لاعتباره غير فاسد. إلا أنّ تقليد الكنيسة الكاثوليكية يعترف بأنّ الأجساد غير المتحلّلة إشارة إلى القيامة والحياة الأبدية إن أُثبِتَت صحتها علميًّا.

فاللّسان البشري يعجز عن تفسير ما حدث في حال غابت عن تلك الأجساد تدخلّات إنسانيّة متعمّدة. وتصير هذه الأجساد علامة دامغة على أنّ ما أمام العين البشريّة خارج عن المألوف وفائق للطبيعة.

وفي كتاب صادر بالقرن الثامن عشر، وضع بروسبيرو لامبيرتيني، الذي صار البابا بنديكتوس الرابع عشر، معايير لتأكيد هذه الظاهرة العجائبية عند حصولها.

فأشار إلى أنّ الأجساد التي تحافظ على مرونتها ولون البشرة الطبيعي وانتعاشها الحيوي لسنوات عدة من دون تدخّل مُتعمَّد، يُمكن وحدها اعتبارها غير فاسدة بشكل عجائبي.

في كتابها "عبر الفاسدين" الصادر عام 1977، حددت جوان كارول كروز 102 قديس وطوباوي سلمت أجسادهم من الفساد اعترفت بهم الكنيسة الكاثوليكية عبر العصور. وأجرت الكاتبة بحثًا معمّقًا راسلت فيه مزارات وكنائس تحتضن جثامين هؤلاء القديسين، إذ أرادت التأكّد من أنّ تلك الأجساد لم تخضع للتحنيط أو ما شابه.

اعتراضات شائعة

لا تغيب عن هذه الظاهرة آراء مشكّكة. فيجادل بعضهم بأنّ الأجساد قد حوفِظَ عليها بشكل متعمّد أو أنّ الظروف الطبيعية هي التي أدّت إلى تجنيبها الفساد. وفي حالات معيّنة، كشفت اختبارات طبّية حديثة عن تحنيط بعض الجثامين، ولكنّ عددها محدود جدًّا بشكل لا يؤثّر على حقيقة أنّ هذه الظاهرة التي تفوق الطبيعة لا تزال موجودة.

فقد أفادت كروز في كتابها بأنّ أساليب الحفظ وحدها لا تنفي حقيقة وجود عدم تحلّل بعض الأجساد من دون تدخّل بشري. فهناك جثامين عدّة لا تفسير لعدم فسادها.

إذ ينتمي كثيرون من القديسين الذين لم يمسّ الفساد أجسادهم الراقدة إلى رهبانيات تمنع التحنيط. وقد كُشِفَ عن جثامينهم في ظروف تزيل الشكّ عن أيّ إمكانيّة تحنيط.