Aller au contenu principal

الأيقونات والتماثيل بين الفنّ والإيمان المسيحي

"الإيقونوغرافية المسيحية تنقل بالصورة الرسالة الإنجيلية التي ينقلها الكتاب المقدّس بالكلمة"
صورة

نبض الحياة: يتجدّد الجدال بين فترة وأخرى حول التماثيل والأيقونات التي تصوِّر المسيح والعذراء وسائر القدّيسين، لا سيّما بين بعض أتباع الكنائس الإنجيلية من جهة وأبناء الكنائس الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة من جهة أخرى؛ فالأخيرة لا تمانع احتضان تماثيل وأيقونات ولوحات فنية.

وفي هذا الصدد وضّح راعي أبرشية البصرة الكلدانية المطران حبيب هرمز، أنّ الجهل بالمعارف الروحيّة والكتابيّة وطغيان العاطفة لدى الشرقيّين غلّبا الجانب الحسيّ على الفكري وتسبّبا في مغالاة بعضهم في إكرام الأيقونات والتماثيل لتبدو كأنها هي الهدف لا الربّ يسوع وإنجيله.

وبيّن أنّ العاطفة قد تدعو بعضهم إلى الركوع أمام صورة أو تمثال، لكنّ الناظر لا يفهم أنّ الراكع في داخله يقصد الركوع للمسيح المتجسِّد لا لصنم، مع ترابط الصلاة والصمت والتأمّل مع نصب أيّ رمز دينيّ.

وأوضح هرمز أن لا تشبيه يصوِّر الطبيعة الإلهية، بل نلاحظ أنّ الروح القدس يُرمز إليه بحمامة أو نار، فيما يقتصر التصوير على يسوع المتجسِّد والعذراء والقديسين. وأشار إلى أنّ التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة اعتبر أنّ «الصورة المقدسة، والأيقونة الليتورجيّة تمثّلان المسيح خصوصًا، ولا يجوز أن تمثّلا الله الذي لا يُرى».

وبحسب التعليم نفسه «لم يكن ممكنًا على الإطلاق قديمًا أن يمثّل بالصورة (الله) المنزّه عن الجسد والشكل. ولكن وقد ظهر لنا اليوم في الجسد... يجوز لي أن أرسم صورة ما رأيت من الله». 

ورأى هرمز في حساسيّة المصلحين إزاء هذا الموضوع غيرةً على الكتاب المقدس مصدرها التزام بحرفية النص لا بروحه، فالآيات الواردة في (تث27:17) وما شابهها كُتبت قبل الميلاد بقرون.

وشرح أنّ العبادة في ذلك الزمان لم تكن مقتصرة على إله إبراهيم، بل ثمّة أصنام عدّة وأشهرها «بعل» ما يختلف كليًّا عن واقعنا اليوم. فالمسيحيّون كلّهم يعلنون إيمانهم بالإله الواحد: «نؤمن بإله واحد...»، رافضًا أيّ تشبيه بين عبادات الماضي والحاضر البعيدة كلّ البعد عمّا يتعصّب لأجله الإنجيليون، مذكِّرًا بحرب الأيقونات في المملكة البيزنطية التي دامت 120 عامًا. 

وعدّ هرمز الفنّ وسيلة تبشيريّة؛ فـ «الإيقونوغرافية المسيحية تنقل، بالصورة، الرسالة الإنجيلية التي ينقلها الكتاب المقدّس بالكلمة» بحسب التعليم عينه الذي حدّد تاليًا «بكلّ يقين وحقّ، أنَّ الصور المقدّسة وكذلك رسوم الصليب الكريم المحيي... يجب أن توضع في كنائس الله المقدّسة، وعلى الأواني والحلل المقدّسة، وعلى الجدران واللوحات، في البيوت وفي الطريق». 

وخَلص مطران البصرة إلى أنّ جمال الصور وألوانها تحفز على الصلاة والتأمّل، مؤكّدًا أنّ التماثيل والأيقونات ليست أصنامًا تُعبَد بل وسيلة للتكريم ولتقريب الأفكار والمساعدة على العبادة الصحيحة للإله الواحد.

صورة