
تُعدّ مدينة بيت ساحور، المعروفة بـ “أرض الرعاة"، من أكبر التجمعات المسيحية في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب بيت لحم وبيت جالا. هذه المدينة المقدسة ارتبطت منذ القِدم ببشارة الملائكة للرعاة بميلاد السيد المسيح. وفي قلبها النابض بالإيمان، نشأت رعية اللاتين،, التي يعود تأسيسها على يد الآباء الفرنسيسكان، وكان أول مرسل لاتيني لها الأب جون موريتان عام 1859 قبل أن تنتقل رعايتها إلى البطريركية اللاتينية مع نهاية القرن التاسع عشر. بُنيت الكنيسة الأولى عام 1863، فيما افتُتحت مدرسة اللاتين عام 1864، ولا تزال حتى اليوم من أبرز المؤسسات التعليمية في المدينة. ومن العلامات المضيئة في تاريخ الرعية، حضور القديسة ماري ألفونسين إلى بيت ساحور عام 1885، حيث أسهمت بإنشاء أول مدرسة للفتيات، وخلّفت أثراً روحياً عميقاً رغم قصر مدة خدمتها. واليوم تعمل راهبات الوردية دور كبير في هذه الرعية من القيم الروحية مثل التعليم المسيحي، الاهتمام بالأخويات والشبيبة. أيضا اهتمامهم بالفقراء والمرضى ولا يزال عمل راهبات الوردية مستمر حتى يومنا هذا في بيت ساحور. وتكريماً لها قد قام الاب عيسى حجازين بتخصيص مزار خاص بها وحديقة باسمها يقيم فيها الاحتفالات الخاصة بها، بالإضافة الى تعيينها شفيعة لجميع عائلات الرعية. إلى جانب مزار آخر أُنشئ تكريمًا للقديس يوسف شفيع الشباب.
الحياة الرعوية
تضم الرعية العديد من المجموعات الفاعلة التي تغني الحياة الروحية والاجتماعية، ويقودها الاب عيسى حجازين و الأب عمانوئي بيرسينوني. من أبرز هذه المجموعات هي الشبيبة، الكشافة، مجموعة رسل الرحمة الإلهية، الأخوية المريمية (اليجوماريا)، جمعية القديس منصور الخيرية أيضا مكتبة يسوع الملك التي افتُتحت عام 2011 كأول مكتبة مسيحية في فلسطين كما يبرز المجلس الرعوي كحلقة وصل أساسية المجموعات، ويضم في صفوفه ممثلين عن مختلف الأعمار والخبرات، ويعمل على تنسيق النشاطات ومتابعة شؤون الرعية.
1. المجلس الرعوي
في عام 2023، بادر الأب عيسى حجازين إلى إعادة تفعيل المجلس الرعوي، من خلال تنظيم انتخابات مفتوحة لأبناء الرعية. أُفرز منها 15 عضوًا يمثلون مختلف الفئات، بينهم 6 نساء و7 رجال، بمشاركة الراهبات ممثلات بالأخت زينة حوراني ينقسم المجلس إلى لجان متعددة، منها الإعلامية والاجتماعية ولجنة الفعاليات، وينظّم لقاءات دورية ويشرف على أجندة الرعية. وقد نجح في تنفيذ مشاريع عديدة منها: إنشاء حديقة ومنطقة ألعاب، شراء 15 وحدة تبريد وتدفئة خاصة للمدرسة، ترميم الكنيسة ودير الراهبات، وتجميل المقبرة. كما أولى المجلس اهتمامًا خاصًا بالشباب من خلال اللقاءات الروحية وفرص العمل والمساعدة في حل الخلافات العائلية.
2. جمعية القديس منصور الخيرية
تأسست الجمعية عام 1947 وأعيد تفعيلها عام 2019، لتواصل رسالتها في خدمة الفقراء والمرضى والمسنين والأرامل. ترأس مجلس إدارتها السيدة منيرفا قسيس جرايسة وتضم حوالي 40 عضوًا نشطًا. تقدم الجمعية مساعدات مالية وطبية منتظمة لحوالي 70 عائلة، خاصة في أعياد الميلاد والفصح، وتنظم زيارات للمسنين ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة. وتُعد الجمعية رائدة في مبادرات مثل الإفطار الجماعي، دعم طلاب المدرسة، وورشات تدريب للشباب. تموّلت الجمعية من تبرعات سخية من البطريركية ومؤسسات داعمة، وتم حديثا إنشاء مقراً لهم داخل الدير.
3. الأخوية المريمية
تأسست الأخوية المريمية "ليجوماريا" عام 1958 وثُبّتت رسميًا عام 1959، وتعقد اجتماعاتها في دير اللاتين – كنيسة سيدة فاطيما. يقودها الأب عيسى حجازين، الأب عمانوئي بيرسينوني والأخت ألفونس عكروش، وتتكوّن من فرقتين بقيادة أمل بدرا وإيلين سلسع، ويبلغ عدد أعضائها34 عضواً. تقوم الأخوية في زيارة المرضى، تلاوة المسبحة، دعم كبار السن، تنظيم فقرات ترفيهية، وزيارة مراكز ذو الاحتياجات الخاصة وأيضا تشارك في بازار عيد الميلاد والأنشطة العامة للرعية.
4. رسل الرحمة الإلهية
تأسست المجموعة عام 2022 في رعية سيدة فاطيما، يرعاها الأب عيسى حجازين، وتضم 23 عضوًا من رعايا مختلفة. تركز نشاطاتها على الصلاة، الاجتماعات الشهرية، الرياضات الروحية، وزيارات للمؤسسات مثل بيت الطفل الإلهي والجمعية الأنطونية. تنظم سجودًا شهريًا للقربان المقدس، وتتعاون مع مجموعات مماثلة في بيت لحم وبيت جالا، كما نظّمت صلوات لأجل السلام، وحرصت على تكريم صورة الرحمة الإلهية داخل الكنيسة وتوزيعها على المؤمنين.
5. الكشافة
أُنشئت عام 1962 بمبادرة من أبناء المدينة، ورغم التحديات السياسية والانقطاعات المتكررة، استأنفت نشاطها منذ عام 2004 تتألف من 8 فرق للفئات العمرية من 6 إلى 22 عامًا، تضم الأشبال، الزهرات، الكشافة، المرشدات والكشافين المتقدمين، ويبلغ عدد الأعضاء 223 كما تشمل فرقًا موسيقية مثل القرب، الطبول، العرض، والإيقاع. تساهم الكشافة في اللقاءات الأسبوعية، المخيمات، الرحلات، الأعمال التطوعية، الأنشطة البيئية والصحية، والمسابقات الثقافية، ما يجعلها رافدًا مهمًا لتنشئة الأجيال.
6. الشبيبة
تخدم الشبيبة مختلف المراحل العمرية من الطفولة حتى سن الشباب الجامعي والعاملين، عبر لجنة مكونة من عشرون عضو.
- تعمل مجموعة المرحلة الابتدائية التي تضم ما يقارب 70 طفلًا على ترسيخ الإيمان والارتباط بالكنيسة.
- أما في المرحلة الإعدادية، التي تشمل ما يقارب 30 طفلًا، فتركّز الأنشطة على بناء نمط حياة مسيحي سليم، مع تقديم محاضرات في مبادئ الإيمان.
- في المرحلة الثانوية، والتي تضم ما يقارب 20 شابًا، تسعى اللقاءات إلى تعزيز الهوية المسيحية ومساعدة الشباب على التعامل مع تساؤلاتهم الوجودية
- . فيما تهدف مجموعة الجامعيين والعاملين، وعددهم ما يقارب 15 شابًا، إلى توسيع ثقافتهم الدينية والاجتماعية عبر محاضرات ولقاءات مع متحدثين مختصين.
مدرسة الرعية - بيت ساحور
تأسست المدرسة عام 1864، وهي من أقدم المدارس في المدينة. بدأت كمدرسة صغيرة وتطوّرت لتُخرج أكثر من 500 طالب وطالبة عبر 21 فوجًا. تضم اليوم 413 طالبًا، منهم 58 في قسم الروضة، ويعمل فيها 38 موظفًا، بينهم 30 معلمًا. تسعى المدرسة إلى تقديم تعليم نوعي بالتعاون مع الرعية والراهبات وقسم الإرشاد، وتشارك بفعالية في النشاطات المنهجية واللامنهجية. وقد شهدت تطويرات عديدة كالمختبرات، الألواح الذكية، والمكتبة المتعددة الاستخدامات، مع خطط مستقبلية لإضافة غرف تعليم مهني، موسيقى، تعليم خاص، وإرشاد.
شهادة من الأرض المقدسة
بيت ساحور لم تكن فقط شاهدة على البشارة، بل كانت أرضًا حاضنة للإيمان والعمل والخدمة. لا تزال المدينة اليوم تحمل رسالة المسيح من خلال مؤسساتها ومؤمنيها الذين يسعون بصدق لتجسيد المحبة الحيّة. ففي كل زاوية من زوايا هذه الرعية، نرى أثرًا للقداسة، وجهدًا للتجديد، ورغبة في بناء الإنسان على أساس راسخ من الإيمان والرجاء.
سيبدأ غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، زيارته الراعوية إلى بيت ساحور يوم الخميس 22 أيار ولغاية يوم الأحد 25 أيار 2025.
المصدر: البطريركية اللاتينية.