سنكون دائمًا حاضرين بين أبناء شعبنا، ومستمرون في رحلة الرجاء والأمل بإيمان وثبات

الأب بشار فواضله لـ وكالة الأنباء المسيحية الكاتالونية
الأب بشار فواضله كاهن كنيسة المسيح الفادي للاتين في الطيبة

"نبض الحياة" - أكد الأب بشار فواضله، في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء المسيحية الكاتالونية "Flama"، أننا في الأرض المقدسة نحافظ على الأمل رغم كل المآسي والقتل والأوجاع والتعقيدات في المنطقة، لأننا نؤمن بالله؛ يومًا ما سوف ينتصر صلاحه على شر البشر. نحن في وطننا، نعاني ونضطهد، لكننا صامدون. لا شيء جديد في الإنسانية؛ تاريخ البشرية هو تاريخ حروب، ونحن جزء من هذا التاريخ، ولنا أيضًا تاريخ أصيل عميق الجذور هنا في الأرض المقدسة والمنطقة. لقد هاجر الكثير منا، لكن كثيرين آخرين صامدون رغم هذه الظروف الصعبة. ولا يزال يتعين علينا أن نقول لمضطهدينا: ليس لديهم الحق في قمعنا. ستتمتعون بحريتكم عندما نتمتع نحن أيضًا بحريتنا الكاملة. الأمل هو رحلة، ونحن مستمرون في هذه الرحلة بإيمان وثبات.

الطيبة - رام الله - فلسطين
منظر جوي لبلدة الطيبة - رام الله يكشف عن جمالها الطبيعي وتاريخها العريق، حيث تبرز في المقدمة كنيسة الخضر البيزنطية. 

الطيبة

قرية فلسطينية مسيحية تقع في وسط الضفة الغربية، على بعد حوالي 30 كيلومترًا من القدس. تقع بين السامرة التوراتية ويهودا، ومن ارتفاعها الذي يزيد عن 900 متر يمكن رؤية الصحراء ووادي الأردن وأريحا والبحر الميت. يبلغ عدد سكانها 1245 نسمة، وتتميز الطيبة بكونها القرية الوحيدة في فلسطين التي يتكون سكانها بالكامل من المسيحيين.

ويوضح الأب بشار فواضله، كاهن كنيسة المسيح الفادي اللاتينية في البلدة، أنه رغم الوضع المضطرب الذي تعيشه المنطقة، لا تزال الطيبة فخورة بتراثها المسيحي وفولكلورها وثقافتها.

لأننا فلسطينيون

قال الأب فواضله: نحن جماعة فلسطينية مسيحية، والصعوبات التي نواجهها ليست لأننا مسيحيين فقط، بل لأننا فلسطينيين أيضًا. لذلك، نحن نواجه نفس الأعمال العدائية والعقوبات والاعتداءات التي يواجهها أبناء شعبنا. مستوى الاعتداءات الإسرائيلية في مدن وقرى فلسطينية أخرى أشد خطورة من منطقتنا. رغم ذلك، تعرضنا أيضًا لعدد من هجمات المستوطنين الإسرائيليين، خاصة خلال موسم قطف الزيتون. دمروا العديد من الممتلكات، مارسوا العنف ضد الناس، وذهبت 5 من عائلاتنا إلى المستشفى بعد هجمات المستوطنين، الذين سرقوا أيضًا الزيتون والأدوات التي نستخدمها في القطاف.

وفي رده على سؤال حول إذا ما شكل السابع من أكتوبر نقطة تحول في المنطقة بأكملها، قال: إنه نقطة تحول للجميع في المنطقة. ليس فقط في غزة التي هي جزء من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي بدأ في عام 1948 وحتى قبل ذلك، ولم ينتهِ بأي نوع من الحلول العادلة. لذلك، الحرب في غزة تعني الحرب في كل مكان وعلى جميع الفلسطينيين. الحرب ضد الفلسطينيين المسيحيين، كما هي ضد جميع الفلسطينيين. نولد ونعيش في حالة حرب دائمة. آمل أن تكون هذه الحرب نقطة تحول في إعادة انتباه العالم إلى الوضع بأكمله والصراع الدائر في فلسطين، والوصول إلى اتفاقيات تحقيق السلام العادل للجميع.

وفيما يخص الخشية من اتساع الحرب على الحدود الشمالية لفلسطين مع لبنان إلى حرب شاملة، قال الأب فواضله: الحرب على الحدود الشمالية دائرة بالفعل، كنوع من التضامن والدعم لغزة. توسعها يعتمد على كلا الجانبين، حزب الله، ولكن بشكل خاص على إسرائيل، التي أفعالها أكثر عنفًا واستفزازًا، مثل انتهاك سيادة دول المنطقة، والاغتيالات الأخيرة لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وفؤاد شكر القيادي في حزب الله. نأمل أن تؤدي الضغوط الدولية المختلفة إلى السلام العادل بدلاً من ذلك. لا أحد يعلم!

حاضرون دائمًا

وفي ظل غياب رؤية واضحة للسلام في المنطقة وتأثير ذلك على الوجود المسيحي، قال الأب فواضله: سيعتمد الوجود المسيحي في المستقبل على الوجود الفلسطيني ككل، وسيكون بناءً على ما إذا كان السلام سيسود أو ستستمر الحرب. في كلتا الحالتين، سيعاني المسيحيون في الأرض المقدسة مع من يعانون، وسنبقى مع من يبقون. سنكون دائمًا حاضرين بين أبناء شعبنا، سواء كان مضطهدًا أو يتمتع بحقوقه.

تحقيق العدالة والسلام

وشدد الأب فواضله في مقابلته على أن المساعدة الحقيقية من المسيحيين في الغرب للجماعة المسيحية في الأرض المقدسة هي المساعدة السياسية؛ بتحقيق السلام والعدالة. إذا أرادوا مساعدة المسيحيين، فليسهموا في تحقيق العدالة والسلام في المنطقة بأكملها، لأننا جزء من شعوب هذه المنطقة. سياسة الولايات المتحدة والدول الغربية، التي تجعل إسرائيل متفوقة في الحروب، ليست مساعدة حقيقية لإسرائيل، لأنها تجعلها أكثر عدوانية في المنطقة.

هذه السياسات الغربية في منطقتنا هي تدمير للجميع، المسيحيين وغير المسيحيين. يجعلوننا “أعداء” للجميع. عليهم مراجعة سياساتهم في المنطقة، حيث ليس من الحق والعدل دعم تفوق إسرائيل على حساب حقوق الشعوب الأخرى في المنطقة، وخاصة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.

كنيسة المسيح الفادي للاتين في الطيبة خلال الاحتفالات
كنيسة المسيح الفادي للاتين في الطيبة من الداخل خلال الاحتفالات

وختم الأب فواضله قائلاً: يمكنهم مساعدتنا أيضًا بتشجيع الناس على زيارة الطيبة والأرض المقدسة، مما سيساهم في دعم خلق فرص عمل مستدامة بأجور معقولة توفر حياة كريمة. من ناحية أخرى، بدأت الرعية اللاتينية في الطيبة مشروع إسكان لتوفير شقق للعائلات الشابة التي تفكر في مغادرة البلدة. في هذا الصدد، نحن منفتحون لتلقي دعمكم للمشروع بأي طريقة ممكنة وبكل الطرق والوسائل التي ترغبون فيها.