إلى جميع الأساقفة والكهنة والمؤمنين في أبرشية بطريركية القدس للاتين
الإخوةُ والأخواتُ الأعزَّاءَ،
لِيَكُنْ سلامُ الرَّبِّ معَكُم!
مَعَ اقترابِ شهرِ تشرين الأوّل، نرى الأرضَ المقدّسةَ، وليستْ وحدَها، قد غاصت خلالَ العامِ الماضي في دوامةٍ من العنفِ والكراهيةِ لم نَشهدْ مثلَها من قَبل. لقد أثَّرَتِ الأحداثُ المأساويّةُ التي عصَفَتْ بنا خلالَ الأشهرِ الاثني عشرَ الماضيةِ تأثيرًا عميقًا في ضميرِنا وحسِّنا الإنساني.
إنَّ العنفَ الذي أَدَّى إلى سُقوطِ آلافِ الضحايا البريئة، وما زالَ مُستمِرًّا، قد تسلّل إلى الكلام والأفعال السياسيّة والمجتمعيّة. ولقد أصاب إصابة بالغة شُعورَ الانتماءِ المشتركَ إلى الأرضِ المقدّسةِ، والوعيَ بأننا جزءٌ من تدبير العنايةِ الإلهيّةِ، التي أرادتنا هنا لبناءِ ملكوتَ سلامِ وعدل، لا أن نجعلَ من هذه الأرض مستودعًا للكراهيةِ والازدراء، والإقصاء والتدميرِ المتبادل.
تحدَّثنا بوضوحٍ في الأشهرِ الماضيةِ عن الأحداثِ الجارية، وأكدنا مرارًا إدانتَنا لهذه الحربِ العبثيّةِ وما نتجَ عنها، ودعونا الجميعَ إلى وقفِ الجُنوح نحوَ العنفِ، والتحلّي بالشجاعةِ لإيجادِ طرقٍ أخرى لحلِّ النزاعِ الحالي، معَ مراعاةِ العدالةِ والكرامةِ والأمنِ للجميع.
مَرَّةً أخرى، لا يسعُنا إلا أن نناشدَ الحكامَ أصحاب المسؤوليات الجسام الذين يتّخذون القراراتِ في مثل هذه الظروف، أن يلتزموا بالعدلِ واحترامِ حقِّ الجميعِ في الحريةِ والكرامةِ والسلام.
وعلينا نحن أيضًا واجبُ السعي إلى السلامِ، وأن نصونَ قلوبَنا من مشاعرِ الكراهيةِ، وأن نغذّيَ فيها رغبةَ الخيرِ للجميع. ومن خلالِ التزامِنا، كلٌّ في مجتمعِه، وبشتى الطرقِ، يجبُ علينا أن ندعمَ المحتاجين، ونساعدَ الذين يبذلونَ جهودًا لتخفيفِ معاناةِ المتضرّرين جراءَ هذه الحرب، وتعزيزَ كلِّ عملٍ من أجلِ السلامِ والمصالحةِ والتلاقي.
ومع ذلك، نحن بحاجةٍ ماسّة إلى أن نصلي، وأن نقدّم لله آلامَنا وتوقَنا إلى السلامِ. نحن بحاجةٍ إلى الارتداد والقيامِ بأعمال التوبة، وطلبِ المغفرة.
لذا، أدعوكم إلى يوم صلاةٍ وصومٍ وتوبة في السابع من تشرين الأول، وهو تاريخٌ أصبحَ رمزًا للمأساةِ التي نعيشُها. والجدير بالذكر أنّ شهرَ تشرين الأوّل هو شهر مريميّ، إذ نحتفلُ في السابعِ منه بذكرى العذراءِ مريمَ سلطانةَ الورديةِ المقدّسة.
ليجدَ كلُّ شخصٍ، بفضل السبحةِ الورديةِ أو بالطرق التي يراها مناسبة، شخصيّا ويفضّلُ جماعيّا، وقتًا للتوقفِ والصلاة، ورفع رغبتِنا في السلامِ والمصالحة إلى "الآبِ الرحيمِ وإلهِ كلِّ تعزيةٍ" (2 كور 1:3).
نرفق معَ هذه الرسالةِ صلاةً يمكن تلاوتها وفقا لرغبتكم. لنطلب شفاعةِ العذراءِ مريمَ سلطانةَ الورديةِ المقدّسة، من أجل هذه الأرضِ الحبيبةِ وسكانِها.
معَ أطيبِ التمنيات بكل خير.
الكاردينال بيير باتيستا بيتسابالا
بطريرك القدس للاتين
صلاة من أجل السلام
اللهم أبانا، أبا ربِّنا يسوعَ المسيح،
وأبا البشرِ أجمعين،
يا مَنْ، بصليبِ ابنِك وبتقدمةِ ذاتِه،
دفعَ ثمناً غالياً ليهدمَ جدارَ العداوةِ والكراهية
الذي يفصلُ بين الشعوبِ ويُحوّلها إلى أعداءً:
املأْ قلوبَنا بعطيّةِ الروحِ القدس،
كي يُطهّرَنا من مشاعرِ
العنفِ والبُغض والانتقام،
ويُنيرَنا لندركَ الكرامةَ اللامتناهيةَ لكلِّ إنسان،
ويُشعلَ فينا الرغبةَ
في السعيِ من أجلِ عالمٍ مسالمٍ ومتصالحٍ
على الحقِّ والعدل، والمحبةِ والحرية.
اللهم القدير الأزلي،
إنَّ آمالَ البشريةِ وحقوقَ الشعوبِ
موضوعةٌ بين يديك:
ساعدْ حكامَنا بحكمتِك،
ليكونوا متعاطفين مع الفقراء في معاناتهم،
ومع الذين يعانون من آثارِ العنفِ والحرب؛
ليعملوا في منطقتِنا وفي جميع أنحاءِ الأرضِ
من أجلِ الخيرِ العامِّ والسلامِ الدائم.
يا مريم العذراء، أمَّ الرجاءِ،
امنحي نعمةَ السلام
للأرضِ المقدسةِ التي وُلدتِ فيها
وللعالمِ أجمع. آمين.